الثلاثاء، 4 فبراير 2014

السيسي ام عنان.. الاسد المصري في حديقة الرياض

يُحكى أن حديقة الحيوان في الرياض احتاجت الى أسد. فتّش القائمون عليها فوجدوا أسداً في القاهرة يمكن شحنه الى السعودية. تمّت الاجراءات الرسمية لنقل الأسد بحراً. وصل الضرغام إلى حديقته الموعودة بانتظار المتفرجين الجُدد وتنفيذ ما وعدوه به من طيبات المأكل والمشرب ودفء المسكن. دقائق وحضرت الوجبة الاولى، وإذ بها موز وخس. رفض الغضنفر تناول طعامه وخلد الى النوم في جو حار مهلك. في اليوم التالي، زأر طالباً اللحم وغنائم السفر الممتعة، وإذ بالخس والموز يحضران. سأل أبو الاشبال العامل المسؤول عن إطعامه: أين اللحم يا هذا؟ أجابه العامل خائفاً: هذا طعامك المرصود لك من قبل إدارة الحديقة. جاع الأسد أكثر، فأضرب عن الطعام حتى تأتي الإدارة لإنقاذه. أتى المسؤول، فقال الأسد بحرقة: إنني الأسد المصري، ولدت وعشت في مصر، وأريد لحماً، لا الموز والخس. بحث المسؤول السعودي في أوراق الأسد، وقال له مستغرباً: أنت أسد؟ في الأوراق مكتوب أنك قرد، وعليه يجب أن تتحول الى قرد أو نُحوّلك الى أسد في الاوراق.
بالتأكيد، لا يتحول الأسد إلى قرد، فلذلك ستتغيّر الأرواق. لكن ماذا لو فُرض عليه الجوع او الخس والموز، فماذا سيختار الاسد حينها؟ ملك الغابة الحقيقي يختار الجوع ولا يرضخ للذل. فماذا عن ترشيح الفريق سامي عنان نفسه لمواجهة المشير عبد الفتاح السيسي في الانتخابات الرئاسية؟ أسدان مصريان يريدان اللحم.
الواضح أن السعودية استطاعت إقناع الفريق أحمد شفيق بالتنازل للسيسي ودعمه. أكل شفيق من صحن الملك سابقاً. يُقال إن الرياض دعمت شفيق في الانتخابات السابقة بملايين الدولارات لمنافسة "الاخواني" محمد مرسي.
لكن ما ليس واضحاً حتى الآن، هو كيف سيترشح عنان والسيسي، وكلاهما مقربان من السعودية ولو إعلامياً؟ هناك خلط لأوراق التأشيرات وتذاكر السفر. ربما خلط الأوراق يفيد الخطة المرسومة، هكذا يضيع الرأي العام المصري بين رجلين عسكريين في البداية، ومن ثمّ تُحرج واشنطن. عنان مقرّب جداً من دائرة القرار الاميركية، حتى حين انهار مبارك كان عنان في واشنطن يستمع الى خطة البنتاغون لإنقاذ مصر. نُفّذ بعضها خصوصاً حين ترك العسكر السلطة نظرياً، ليعود إليها نظرياً وعملياً.
ما هو مؤكد أن السعودية تريد من المشير أن يصبح القائد الاعلى للقوات المسلحة، وليس قائداً عاماً فحسب. لكن واشنطن ترى في مستشار مرسي السابق، أي عنان، رئيساً، وهذا كلام مراكز الأبحاث الأميركية. اشتباك سعودي ــ أميركي في مصر. أسدان في الميدان، الاثنان يريدان اللحم ويرفضان الخس والموز. لكن كفّة السيسي مرجّحة أكثر شعبياً، في مقابل امتلاك عنان رضىً غربياً، فضلاً عن أنه غير مغضوب عليه من طائفة كبيرة من الشعب. اشتباك الجنرالين سينعكس على الجيش، فالرئيس السابق للأركان لديه ضباطه أيضاً كما السيسي.
وزير الدفاع الأميركي تشاك هاغل اتصل أكثر من ثلاثين مرة ليستوضح من نظيرة المصري عن أحداث مصر. المؤسسات الأميركية الرسمية لا تزال ترى في ما حصل، مصرياً، انقلاباً، حتى أن سبع دول فقط اعترفت بالرئيس المؤقت عدلي منصور. المسألة الدولية مهمة في الانتخابات المقبلة، لكن هل سيسمح السيسي بترشّح عنان؟ أغلب الظن أنه سيمنع ذلك. لا بأس إن اتُّهم عنان بقضايا عفى عليها الزمن، وتم تقليب أوراقه الرسمية وظهر من الكواليس ملف لا يعرف فيه إلا ذوي البزات المرقطة. ولكن هل تسمح واشنطن بقتل عنان سياسياً؟ سيحصل تقارب أميركي ــ سعودي، وسيُحسَم لأحد الأسدين في النهاية، لكن إن لم يُحسم اسم المرشح، فستكون العواقب وخيمة. مَن سيربح المعركة هو مرشح السعودية بكل تأكيد، فالمال هو الأساس، وقد أثبت السيسي أنه فنان سياسي وبهلوان ميداني، يجيد التراجيديا والكوميديا معاً. في هذه الحالة، واشنطن، كما المرشحون الآخرون، كحمدين صباحي، أو عبد المنعم أبو الفتوح، سيأكلون الموز والخس.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق