السبت، 7 يونيو 2014

الأسد السوري والنمر المعارض: نيازك النظام قتلت الديناصورات المعتدلة

زاهر أبو حمدة

يقال إن الأسد أصبح ملكاً للغابة بعد التهامه ديناصوراً. ومع أن الكفة ترجح تزعم النمر للغابة، بما أنه يملك قدرات قتالية وعاطفية أكثر من الأسد، لكن الضرغام استحوذ على الزعامة الأبدية والأسماء المتعددة لأنه كان السبب في انقراض فصيلة الديناصورات. ربما ذلك خيال، لكن قصص كثيرة تؤكده.
وذهب العلماء يفتشون أين اختفى الحيوان الكبير ذو القدمين الكبيرتين واليدين خماسية الأصابع والرقبة الطويلة والأسنان الحادة. ربما يتوصلون إلى إجابة تنفي افتراس الأسود للحومهم. لكن ماذا سيكتشف السياسيون والمؤرخون ورجال الاعلام حين يفتشون عن المعارضة السورية السلمية المعتدلة، وكيف اختفت قوتها السياسية والعسكرية، كما الديناصورات؟

تفيد التقارير العلمية أن نيزكاً ضرب الأرض قبل 65 مليون عاماً، حينها لم يولد الانسان بعد، قتلت غالبية الكائنات الحية، ومن لم يقتل بالكتل الملتهبة للنيزك صُرع بصوته. فانقرضت فصيلة الديناصورات. في المقابل، تُغير طائرات النظام السوري بالبراميل المتفجرة. هي لا تشبه النيزك من حيث القوة التدميرية، لكن فعلها قاتل للناس جسدياً ومعنوياً. ولنتفق أن المعارضة السورية السلمية التي ظهرت في مارس/آذار عام 2011 يصلح عليها لقب "الديناصور في طور الانقراض". يقول علماء أميركيون بحثوا في ما تبقى من آثار للديناصورات على الأرض، إن هذا الكائن الضخم عقله صغير جداً وقدرة تفكيره بسيطة. هكذا اعتقد النظام السوري أن معارضيه مجانيين، وكل مختل عقلياً مكانه الزنازين أو مشافي الأمراض العقلية، لا في البرلمان او الحكومة. نجح بعض الشيء، خصوصاً وأنه بيضَ سجونه من كائنات ملتحية تقتل كل من يعارضها إلا النظام.
ماذا لو بقيت الثورة السورية سلمية؟ أليس "صوت القاشوش" كان أقوى من زئير الأسد؟ اختفت تلك الأصوات فجأة. الحناجر صمتت وعلا صوت الرصاص والمدافع. ربما كان مدبراً من قبل النظام، والمعارضة وقعت في فخ "عسكرة الثورة".
وفي ظل الأصوات الكثيرة المرتفعة وكبت الديناصورات لحناجرهم، يطل النمر مضرضراً (الضرضرة: صوت النمر). والنمر السوري ليس مفترساً. إنها الغالبية الصامتة المعارضة والموالية، من ترفض هدير شلال الدم المستمر. والنمر ينتمي للجيش السوري (العربي والحر). كثيرون هم الضباط السوريون الذين لم ينشقوا، لكنهم يرفضون القمع الأمني. من هؤلاء النمور، العميد المهندس مصطفى شدود، الذي ظهر في مقطع فيديو، العام الماضي، يحاور معارضين ويقول لهم "أنا من كل سوريا، ولا نريد أن نهدم او نقتل، ونحن شعب واحد". قتل شدود، بعد هذا الفيديو. (https://www.youtube.com/watch?v=zATN2IWsJrw).

هذه النمور لا يمكن ترويضها، كما يقول الكاتب السوري زكريا تامر، في رائعته الشهيرة "النمور في اليوم العاشر". ولكن هل يستطيع الأسد التغلب عليها؟ يمكن ذلك، لكن بصعوبة. ومع استمرار القتال سيكون ذلك مستحيلاً، لأن اعتماد ملك الغابة، حالياً، على هذه النمور. وفي كل الأحوال، لا يمكن للأسد أن ينتصر على الديناصورات والنمور على الرغم من تدخل الغربان كـ"داعش" والقوى الأخرى المساعدة للنظام والمعارضة.
فاز الأسد، في الانتخابات وأصبح زعيماً شرعياً شعبياً حين ينظر إلى المرآة السياسية الداخلية والدولية. ومن المرجح أن يبقى في أي تسوية مع عناصر الغابة الدولية، خصوصاً إن اتفق الدب الروسي مع الحمار الأميركي (الحمار شعار الحزب الديمقراطي الأميركي بزعامة أوباما). وسيبقى الأسد، إن تقارب الجمل السعودي والليوبارد الإيراني (نوع من الفهود المشهورة في إيران).

يحق للأسد، أن يتمختر مفاخراً. ويحق للديناصور والنمر الصبر والصمت بانتظار اللحظة المناسبة. وستستمر النيازك بالسقوط فوق المواطنين الأبرياء، وسيبقى الغراب ينعق؛ خصوصاً وأن جيولوجيين يقولون إن الأرض لم يكن فيها جزراً أو نفطاً إلا بعد انقراض الديناصورات والنيزك الشهير. هكذا تحولت سورية إلى جزر أمنية وحدود ملتهبة وصراع على النفط والغاز. وفي سورية سيختفي الديناصور، تلقائياً، لكن النمر مستمر في البحث عن الفرصة، وستكون مواجهته مباشرة مع الأسد، ولو بعد حين. والأقرب أن يحصل انقلاباً داخلياً إن لم تُسرع التسوية السياسية.


في أخر الدراسات العلمية الحديثة، يرجح العلماء أن يسقط نيزكاً فوق المحيط الهادئ والولايات المتحدة الأميركية عام 2036، سيغير وجه الأرض مجدداً. وحتى ذاك التاريخ، ربما ستبقى الغابة السورية ملتهبة، تحرق الأخضر واليابس. ربما ذاك كله خيال علمي، كما نشاهد في أفلام هوليوود، لكن الواقع السياسي مختلف؛ فالعالم بطبعه يشك والجاهل يؤكد والحكيم يفكر، هكذا يقول أرسطو.