الخميس، 23 ديسمبر 2010

صلوات للشيطان

أنت يا أجمل وأبرع ملك بين الملائكة

ياإلهاً خانه الحظ وحُرم من المديح

أيها الشيطان ارحم بؤسي الطويل

يا أمير الغربة يا مظلوماً

يا من إذا قهِر نهض دائماً أقوى وأصلب

أنت يا من تعرف كل شيء

يا ملكاً عظيماً للخفايا

وشافي الإنسانية من قلقها وحيرتها

أنت يا من تعلّم حتى للبُرص والمنبوذين الملعونين

تذوّق طعم الفردوس عن طريق الحُب

أنت يا مَنْ مِنَ المنيّة عشيقة العجوز القوية

أنجبت الأمل الفاتن المجنون

أنت يا من تمنح المحكوم بالإعدام

النظرة الهادئة المتعالية

التي تدين شعباً كاملاً يلتف حول مشنقته

أنت يا من يعرف في أي ركن من الأرض المشتهاة

يخبئ الله الغيور الأحجار الكريمة

أنت يا من تعرف عينك المضيئة

الخبايا العميقة

التي ينام فيها مدفوناً عالم المعادن

أنت يا من بيدك الكبيرة تستر الهاوية

التي يطوف حولها السائر في نومه

أنت يا من تعيد العظام المحطمة

لسكّير عجوز داسته سنابك الخيل لينة

أنت يا من علمتنا كيف نخلط ملح البارود بالكبريت

لتدخل العزاء إلى قلب الإنسان الضعيف

الذي يعتصره الألم

أنت أيها الشريك البارع تضع ميسمك

على جبهة قارون الدنيء القاسي

أنت يا من تودع عيون وقلوب الفتيات

عبادة الجُرح وحب الأسمال

يا عكاز المنفيين ومصباح المخترعين

والكاهن الذي يتلقى اعتراف المشنوقين والمتآمرين

أيها الأب الذي تبنّى كل الذين طردهم الله الآب

بغضبه الأسود من جنة الفردوس

أيها الشيطان ارحم بؤسي الطويل

المجد والمديح لك أيها الشيطان

في أعالي السماء حيث كنت تسود

وفي أعماق جهنم

حيث تحلم بصمت بعد هزيمتك

دع نفسي تسترح يوماً بقربك

تحت شجرة المعرفة

في الساعة التي تنتشر فيها أغصانها

كأنها هيكل جديد

الثلاثاء، 14 ديسمبر 2010

حديثي النعمة

تراهم، وكأنك ما رأيت؟؟.. سرعان ما تنتفخ بطونهم وتلتسق رقباتهم بصدورهم من أكل طعام ما تذوقوه مرةً في تاريخهم. وأي تاريخ هذا الذي بُنيَ على شح او طرق غير مشروعة. هم بلا ذوق او تذوق، يلبس احدهم قميص احمر وكرافات ليس لها معالم.. واخرى تصبغ وجهها ألوان العلم الافريقي من طلاء باهت وفج، ناهيك عن عمليات التجميل التي تُقبح مظهرها اكثر وأكثر.. تبقى لعنة الماضي تلاحقهم!! يتخيل لهم للحظة انهم امتلكوا الدنيا.. تعرفهم عند الرؤيا الاولى ويزداد يقينك تيقناً عند حديثهم، كل احاديثهم عن انفسهم وعن انجازاتهم البطولية في وغى الشرف والطهر ومسيرتهم العصامية المبينة على سرقة هنا واختلاس هناك.. هم كما هم في كل الساحات والميادين.. يحدثوك عن صفقاتهم الخيالية وعن الارقام التي بحوزتهم من مال، فهم على تفاهاتهم ينفذون شرع الله، وإما بنعمة ربك فحدث..

تهيأ لأحدهم ان يبني لنفسه تمثالاً من اللؤلوء، فإكتشف ان اللؤلوء ثمين جداً ومكلف فالبخل ما زال داخلة.. فأستعاض عن اللؤلوء بالغرانيت.. وقدم طلباً للبلدية مقابل مساهمته الخيرة بالمساعدة ببيناء ملجئ للأيتام. ومع هذا البلدية رفضت عرضه، وطلبت منه ان يُنشىء ملهاً ليلياً "خمس نجوم" يضمه لسلسته الكبيرة الممتدة من أفريقيا التي بدأ بها مشواره الى ازقة هذا البلد الفقير العائم على اقدم مهنة في التاريخ اي الدعارة.. تاجر أخر احتال على نفسه وعلى فقراء مثله، فأصبح في ليلةٍ ويومين تاجر أخشاب ورسول بين الكعبة الشريفة ومحيطه، يرسل هذا وتلك الى الحج او العمرة.. هذا التاجر قرر ان يبني مسجداً لينبه ضميره ويسكته قليلاً عن ازعاجه.. فتقدم الى وزراة الاوقاف والى البلدية ودفع ملايين من اجل شراء الارض وتخليص المعاملات وبناءه، لكنه اشترط ان يُسمى المسجد بإسمه، وقاعاتيه على اسم والدته ووالده رحمها الله.. لكن وزارة الاوقاف طلبت منه براءة ذمة وسيرة ذاتية له ولمن اراد ان يسمي على اسماءهم، فالوزارة لا تسمي اسماء المساجد والقاعات الا على اسماء اناس مخلصين للدين وشرفاء مجتمعياً.. فتذكر ان امه كانت بائعة هوى ليلاً وبائعة فجل نهاراً، ووالده للاسف قدم خدماته لجيش الاحتلال وعرفه الناس بالعميل..

حديثي النعمة يُشعروك وانهم ما زالوا مراهقين ولو بلغوا من العمر المديد، والنساء منهم تحاول جاهدةً ان تبرز مفاتنها، برأيها ان ابراز محاسن جسمها يجذب الرجال، ولا تدري ان من يعاشرها ليلةً واحدة يتركها في صبيحتها!! هذا وان لم ينزع منها مبالغ طائلة.. همهم الوحيد المظهر الفاتن، والمضمون حيوه من بعيد وقالوا له وداعاً.. تحاول تثقيفهم عبر كتاب تهديهم اياه، فيقولون: من الكاتب؟ انه فلان او فلانة.. فالرد سريع: اشتريه واشتريها.. كل شيء له ثمن يا عزيزي!! كل حديثهم له علاقة بالمال.. وكأن الثقافة لها ثمن.. والعلم له ثمن!!

على قلة خبرتي بهذه الطبقة التي استشرت في المجتمع، الا اني اسميهم لؤم الارض ومحظوظي الصدفة.. وسيبقون هكذا ويموتون هكذا، وربما اولادهم سيتربون هكذا ويموتون على دين خليلهم.. اي الفقر والحرمان الذي عاشوه اسلافهم من اباء وامهات.. او سيعودون من حيث اتوا، فإن من ارتفع بسرعة وقع بسرعة..!!

الخميس، 9 ديسمبر 2010

آلم الخيبة

يكبرني ألمي بسنتين
ويتذكره حسي كل ثانيتين
اخافه، ويخافني..
عقدة الخيبة تلاحق ملمسه..
ويلاحقني ببسمة او اثنتين..
...
ألم الخيبة، له وجهٌ بريٌ
يقتات على الذكرى، ويخبئ ما تبقى منذ يومين
تنتعش اساريره عند لقاء البارحة
ويغدو طفلاً مشاكساً ذو سيفين.
سيفٌ لكأس النبيذ، وأخر لقطع الشفتين..
...
ألم الخيبة، ينام بجانبي..
ويغطي كلامه غرفتي،
يضحك معي، ويبكي معي..
وعند توديع الحس يغمض عينيه وكأن له جفنين..
غريب هذا الألم، يصحو معي.. يشرب معي..
يمشي معي.. يتسلق حياتي معي..
حاولت علاجه، واذ به يزرف دمعتين، ويقول:
انت ان رحلت عني، لن ارحل عنك!
انت ان قتلتني برصاصة، فتأكد اني قد قتلتك برصاصتين
...
قدمت له مغريات الدنيا، ووعود الاخرة..
فأصطحبني الى جنته وناره، وأخد معطفي وعلّقه على مأذنتين..
مأذنةٌ تدعى لساني، واخرى سموها اذنتين..
فلا اتكلم ولا اسمع..
فقط اراقبه واترقبه.. عله يعطني معطفي..
ويبقى صغيراً واكبره انا بسنتين، او شهرين او دقيقتين..
نصحته مرةً، ان يعلمني التبعية، الرجعية..
الثورية، الاشتراكية، الشيوعية، الليبرالية، الراسمالية..
الغزالية، الرشدية، الوهابية، الشاذلية..
نصحته ان يعلمني كل ما قرأته وعرفته..
كل لم اقرأه ولم اعرفه..
حدق بي هذا الآلم الخبيث،
ونصحني ان اقف دقيقة صمت على خيباتي.. وأمضي

الاثنين، 22 نوفمبر 2010

مبضع طبيب

لا يشك اثنان، على الرغم من اي اختلاف، ان الطبيب عامل مساعد او اساسي في علاج اي مريض.لكن الشكوك تذهب نحو قدرة وخبرة هذا الطبيب ومقارنته بذاك. وعلى هذه النظرية يبني المجتمع صوره عن اي طبيب معالج.

خلال جولة بسيطة في اي مستشفى، تجد الفرحة بمولد ولد او عملية نجحت او مريض تعافى. في المقابل تجد الالم والحزن على وجوه اقارب ومعارف من فارق الحياة او احتمال ان يفارق الحياة. هاتين الحالتين طبيعيتن الى حد ما، لكن الصعوبة في مكان هي حالة الترقب والانتظار. هنا زوج ينتظر ويترقب مولوده القادم وخائف على زوجته، وفي الطابق الاعلى أم تبكي حظ ابنها الذي كُتب له عمراً جديداً بعد حادث مروري. في قسم الطوارئ زوجة تصرخ طالبة الرحمة لزوجها بعد نوبة قلبية حادة. وامام غرفة العمليات افترشت العائلة المقاعد والارض مستنظرة خروج الجراح ليطمئن الجميع على عملية نجاحها ليس بالنسبة الكبيرة..

حالات الترقب والتوجس كثيرة في مستشفى يمثل مكاناً لحياة جديدة او مفترق بين تثبيت الروح وزهقها او بين الموت.. ولأن الطبيب المداوي يتحمل المسؤولية الاخلاقية أولاً يُسئل عن السبب والنتيجة! الاسباب تتعدد كما النتائج لكن رأي الطبيب يجعل ذوي المريض اكثر تفهماً للحالة.

ما دفعني لكتابة هذه السطور ما تناولته الصحف اللبنانية عن فتاة تقدمت الى سرير في احدى مستشفيات بيروت الراقية لاجراء عملية تجميلة لانفها، الا انها لم تخرج على قدميها كما دخلت انما خرجت محملة في اسعاف ليتم دفنها فيما بعد. هل يتخيل احد ان عملية تعتبر بسيطة في لبنان ان توقف نبض حياة. ليست طبيعة العملية هي السبب لكن خطأ طبيب اوقف عقارب الساعة عند فتاة عشرينية. الاخطاء الطبيبة في بلد مصنف من الاوائل طبياً في الشرق الاوسط كثيرة نسمع عنها القليل، ولا يوجد إحصاء دقيق لهذه الاخطاء. اما في مستشفيات الهلال الاحمر الفلسطيني نادراً ما عرفنا او سمعنا بمثل هذه الاخطاء وان وجد فالسبب يعود للامكانيات الاستشفائية. والتحسينات التي تقوم بها الجميعة بكل تأكيد ستقود لاستشفاء افضل واختفاء الاخطاء.

هنا اقتضى التنويه ، ان الاطباء في مستشفيات الهلال الاحمر الفلسطيني استطاعوا انجاز الكثير من العمليات الجراحية الصعبة بنجاح من دون اخطاء لكن في مستشفيات اخرى وبمستوى استشفائي اعلى ارتكبوا اخطاء مميتة.

الاثنين، 8 نوفمبر 2010

شهوة متحررة

كان لونها الجنوبي المخملي يضمحل

وجبروتها البرجوازي يتكسر..

وحين غادرت حضني ارسلت، من ينوب عن بركانها..

أرسلت رسالة عاجلة، تشكو الشوق والوقت،

وذيلتها بقبلة مجروحة من شفةٍ معضوضة..

وقالت بشغف السنين، وحِمض الحصرم البري،

وعتاب الاصبع للخاتم..

"انت من جعل يومي أكثر اعتدالاً،

أنت من غير الدم الى عبق التاريخ..

انت، انت، انت،.."

هذا شرحي وتفصيلي وقولي وفعلي،

إقرأ، ولا تثمل..

..........

أغلقنا الباب،
وفي الخارج
الكل راح يتحضر..
الكل كان متأهباً،
ليشاهد حبنا يتفجر..
وإلتحمَ الجسدُ بالجسد
واختلط َالأبيضَ بالأسمر..
وهميّتَ بي
وهممتُ بك
و لعشقنا
رحنا نتحضر..

وبدأتَ جولتك الآولى
وعلى جسدي
جُلت َ لتثأر..
وراء النافذة، نساء ٌ تبكي
وعلى الرجولة تتحسر..

جردتني من كل عباءاتي
فالناس بثيابها تتنكر،
واسدلتَ شعري على صدرك
لتحجبَ عنهم ذاك المنظر..
واقتحمتَ خليتي بلا ورع ٍ،
وأنا رحتُ، أطلبُ أكثر وأكثر..

ولسانك جالَ على صدري،
يتذوق طعم السكر
وشفاهك بوستني بلهفة
والوشم طُبِعَ على المنحر..
وجلستُ عليك،
ومن فوقك
رحتُ أهتز لأتحرر..

فرغ طاقاتي المشحونة،
أطلق صرخاتي المجنونة
فالخارج كله يسمعنا
وبصوتي وصوتك يتأثر..
فأنا لا أرضى بقليل ٍ
أولست مُلكِي
يا عنتر ؟؟؟؟؟

الأحد، 31 أكتوبر 2010

من دون مسمى

من دون مسمى علاقتنا،

هذا ما تقولين..

من دون مسمى علاقتنا،

هذا ما تمارسين..

ما رأيك بعلاقتنا؟ هذا ما سألته؟

استشيركِ بعلاقتنا.. وأُخيركِ بين الليل والنهار؟

ما رأيك بمسمى الامل، الوداع، اللقاء، الرجوع، الموت، الخيال..

لا تهم الاسماء يا فتاتي.. هذا ما قولك انت؟

ما رأيك بعلاقة الموت والقبر؟

ما رأيك بعلاقة التفاحة والسكين،

الخيانة والخائن، القاتل والمقتول..

ما رايك بعلاقة العين والجفن، المومس والليل

الفجر والقمح، الوطن والعلم..

ما رأيك بعلاقة الوشم في اسفل البطن وجلدك؟

كل العلاقات يا خيالي في خيالي؟؟

لكنك اخترتِ علاقة واحدة، وحيدة، فريدة، متفردة، تافهة، عميقة..

اخترتِ علاقة الزهرة والنحلة..

انت النحلة وانا زهرتك..

اقتحميني، مُصيني، فرغي فيا كل حماقاتك

لقحيني، اقطعيني، فتفتيني

اقتليني، غازليني، مديني جسراً بين قدميك والخلية

ضعيني بإبريق الشاي واغسليني بعسلك

دمريني بأنفك، وخذي رائحتي وضعيها وراء أذنك

ماكريني بوردة اخرى،

فالزهر يا جميلة يحب الغيرة..

تذكريني وقت ما شئت،

فالزهر ينسى كل الارجل..

قصيني من حديقتي واهدني لمعتوهك،

فالزهر يجامل الريح القوية

افعلي ما شئت بي يا نحلتي،

لكني أرجوك، لا تلسعيني.. فإني اخاف عليك من الانتحار..

انت تموتين ان لسعتني، وانا ابقى زهرة من دون مسمى..

الجمعة، 29 أكتوبر 2010

عملاق غبي

كان ثمة عملاق ذو عينين زرقاوين

يحب امرأة صغيرة البنية.

هي، كانت تحلم ببيت صغير

يحوطه بستان

تزهر فيه زهرة العسل المتلاشية.

.

وكان العملاق يحب مثلما يحب العمالقة،

كانت يداه الكبيرتان

لا تصلحان الا للأعمال الضخمة

ولم يكن قادرا بالتأكيد

على بناء منزل صغير الى هذا الحد

ولا ان يطلب استضافته

تحت سقف واطىء كهذا

تزهر عليه زهرة العسل المتلاشية.

.

وكان عملاقاً ذا عينين زرقاوين

يحب امرأة صغيرة البنية.

وضاقت المرأة القصيرة القامة،

التي كانت تحلم بحياة هادئة

ذرعاً بمرافقة العملاق

على دروبه الوعرة،

فودّعته ذات يوم

كي تعبر بين ذراعي قزم فاحش الثراء

عتبة البيت الصغير

الذي يحوطه بستان

تزهر فيه زهرة العسل المتلاشية.

.

وفهم العملاق ذو العينين الزرقاوين،

لكن بعد فوات الاوان،

ان البيت الصغير الذي يحوطه بستان

لم يكن ليصلح حتى كمقبرة

لحبه الكبير الكبير هذا.

الخميس، 28 أكتوبر 2010

عٌري الجسد

شفاهي

جالت أذنكِ

الصغيرة و الناعمة،

كيف تسع لكل

الموسيقى ؟

*

تحت كل الكلمات

جسدان يتحدان

و ينفصلان

* * * *

في بضع ليالٍ

كيف للعالم أن ينخلق

و ينهار ؟

*

ألمس أصابع

قدميك

كم هو متعذر على هذا

العالم

أن يحصى

* * * *

شهران دون أن نلتقي

قرنٌ

و تسع ثوانِ

* * * *

أحمر

مع خطّ شاقولي.

التفاح يسقط في النهر .

يطفو .

ويرحل.

* * * *

الأعضاء المخبّأة

تعطي إشارات

خارج الزمن.

السفن المضاءة

تصل ، ثم ترحل،

و لا تصفر أبدا

* * * *

في النافذة المقابلة

هناك ضوء .

تتجرّدين من الثياب .

انك دائما أنت .

*

لا وجود لأسمنت .

فراغ

مخترقٌ برافدة من الحديد.

*

جسدك غير مرئي .

قابل للّمس .

عصفوران تحت إبطيك .

صليب على نهدك .

و لا موت .

* * * *

سأحمل المطرقة ،

و أنحت الهواء ،

سأخلق تمثالك

مفتوحا ،

سأدخله ،

و سأمكث هناك .

* * * *

وسط القصيدة

أنت ، ثم أنت .

نفـَـسُـك يملأ

كل الكلمات

كل الصمت .

* * * *

ستأخذين القطار.

سوف تتأخرين - قلت لك .

أسرعي ، أسرعي

فيتصلـّب زرّا نهديك .

* * * *

أحملك على ذراعي

فأطير

* * * *

الجسد

سماء .

لا ينهكه

أي طيران .

* * * *

تجرّدنا من الثياب

أقـفـلنا الخارج ، وراء الباب ،

البيوت ، والكلاب ،

والحدائق ، والتماثيل ،

والموت .

* * * *

كيف يعيش الموتى

بلا حبّ ؟

* * * *

كانت الحرب ،

كان الحب .

كلانا كان ميّـتا .

جمّعنا الموتى و الجرحى .

جرّدناهم من الثياب .

و رقدنا بعد ذلك .

* * * *

نسيت المظلة

في القطار .

كنت تفكّرين فيّ إذن.

شعرك المبلّل

سرّحته ،

ووضعت المشط

تحت القصيدة .

السبت، 16 أكتوبر 2010

قوس عينيك

قوسُ عينيكِ يُحيطُ بقوسِ قلبي،

حلبةَ رقصٍ ونعومة،

مكللةً بهالةِ الزمانْ، مهدَ ليلٍ آمنٍ،

وإن لم أعد أذكر يوماً كل ما عاشته عيناي في هذي الحياة،

فذلك لأن عيونكِ لم تكن قد رأتني،

أوراقُ شجرِ النهار ورغوةُ الندى،

مزاميرٌ من رياح، وابتساماتٌ من شذى،

أجنحةٌ تغمر الكونَ بفيضٍ من ضياء،

سفنٌ محملةً بالسماءِ والبحرِ،

صيادون يصطادون الضجيج، ومنابعُ ألوان،

عطورٌ تفتحت في غمرةِ الفجرِ،

تَرْفُلُ وسطَ أعشابِ النُجومْ،

وكما تمنحُنا البراءةُ ضوءَ النهارْ،

فإن عيونَكِ تمنحُنا العالمَ بِأَسْرِهِ.

السبت، 9 أكتوبر 2010

امرأة من مطر

يوم جئت..

شاكيةً، باكية ً، راجية ً، جاثمة ً، متضرعة ً..

تحولت انا، وصرتُ الله..

شامتٌ انا..

عاجزٌ انا..

تافهٌ، سخيف ٌ، حاقدٌ، سطحيٌ، نافقٌ، منافقٌ،كاذبٌ، كافرٌ،

هكذا انا..

اما انت يا نقطة ضعفي وتحولي،

امرأة من مطر..

تبيع الدنيا وما فيها بقطرة مطر

تنسج من سماء الاحتيال حبيبات سوداء..

تهطل، تقطع وتوصل وتندثر..

امرأة من مطر..

جلدك المتحاشي الموشوم بالعهر، ينادي عطفي

دمك الفاسد المنتهي الصلاحية، يأن بقدمي

شعرك الطويل المستعار، يغني لتعزف اناملي

نهداك المنتفخان غصباً،

شفتاك المعوجتان المستسلمتان

جبينك ذو النقاط السود

كل ما فيكي.. يرجو رحمتي

ومع هذا كله.. انت امراة من مطر

وستبقين امرأة من مطر.. وابقى انا بنظرك "الله"

السبت، 2 أكتوبر 2010

اخي عرفات...

استعير من الزميل رشيد مشهراوي عنوان فيلمه (اخي عرفات) وعدة مشاهد تسجيلية اخرى تحتوي على البعد الانساني لشقيقين لم يعرفا المساكنة الاخوية الا بالصغر. هذا الفيلم هو الوحيد الذي ارخ لرجل عظيم اسمه فتحي عرفات، رجل اعطى فلسطين والثورة الحس الطبي والخدمة المعنوية. ربما لم يُعطً ابو طارق الحق الكافي والوافي، ويأتي هذا الفيلم تكرماً بسيطاً وتوثيقاً لرحلة خمسينية قضاها ربيب الطب الفلسطيني في خدمة شعبه.

"أخي عرفات" هو فيلم تسجيلي أخرجه رشيد مشهراوي كعربون محبة للدكتور فتحي عرفات، الذي رافقهُ في السنة والنصف الاخيرة من حياته وهو يعاني من مرض السرطان ويتصارع معه عسى ان يغلبه. صراع امتد على مساحة ثلاث قارات: افريقيا واسيا واوروبا؛ في القاهرة حيث كان د. عرفات يسكن ويعمل، وفي باريس حيث كان يتعالج، وفي غزة ورام الله حيث كان يعمل ايضاً. العلاقة الانسانية وأواصر الصداقة والتعاون، والرعاية والاهتمام نمت وترعرعت بين د. فتحي ورشيد، عبر رحلة المعاناة المرضية هذه. فجاء الفيلم تسجيلياً لأدق التفاصيل في حياة د. فتحي، حتى لو كانت هذه تتعلق بالحياة اليومية مثل صنع فنجان قهوة، او طبيخ او غسيل صحون، او مسح وتمسيد ارجل د. فتحي، او الاكل او التنقل بالتاكسي من هذا المكان إلى ذاك، او العلاج بالمستشفى او تناول الطعام مع الرئيس الخالد ياسر عرفات.
لا يوجد حتى الان فيلم تسجيلي يكرم هذا الفلسطيني المعطاء، د. فتحي عرفات، سوى هذا الفيلم التسجيلي "أخي عرفات"، الذي اراده رشيد ان يكون حديثاً مع الاخ الصغير عن الاخ الكبير ياسر عرفات. إلا انه جاء، فيلماً تكريمياً يحيي ويخلّد ذكرى هذا القائد الفلسطيني الانساني، الذي عمل مناضلاً في صفوف "فتح"، وفي صفوف منظمة التحرير الفلسطينية، دون أن يضطر لحمل السلاح يوماً سوى حمل سلاح الطب ونبل رسالته الانسانية. د. فتحي عرفات، مؤسس الهلال الاحمر الفلسطيني وراعيه. وهو الذي وقع العام 1969 على بروتوكولات او ما يسمى باتفاقية جنيف الرابعة. وهو الذي ساهم مع غيره باعطاء الثورة الفلسطينية ذلك البعد الانساني والطبي والاجتماعي والتراثي، على مستوى العالم. د. فتحي عرفات، بصفته رئيساً للهلال الاحمر الفلسطيني رعى حياة الفلسطينيين، ثواراً ومناضلين، شعباً لاجئاً او مقيماً اينما كان في الوطن أو في المنافي. فبنى أكثر من 50 مستشفى وعيادة طبية للهلال الاحمر الفلسطيني، في الاردن ولبنان وسورية ومصر والعراق وفي كل اماكن التجمع الفلسطيني. من خلال العلاقات الدولية التي كان يتقنها باحتراف ومتعة وفن، وعبر المتطوعين والمناضلين الامميين في الهلال الاحمر الفلسطيني أوصل د. فتحي عرفات، صوت الفلسطينيين المقموعين الذين يتعرضون إلى المجازر في مخيمات صبرا وشاتيلا وبرج البراجنة إلى كل الآذان في أربع زوايا الارض. وقدمت تجمع مستشفيات الهلال الاحمر الفلسطيني، عكا وحيفا والقدس التي كانت قائمة في بيروت، ومستشفى محمود الهمشري في صيدا، الخدمات الطبية الفلسطينية مجاناً، لكل المحتاجين، فلسطينيين ولبنانيين ومواطنين آخرين في لبنان كانوا يعيشون على هامش المخيمات الفلسطينية المسحوقة اصلاً.


يوجد في الفيلم عدة مشاهد انسانية اخرى ولقطات تعرفك على شخصية هذا الانسان المعطاء، في احداها حديث هاتفي، بين الرئيس ياسر عرفات، وشقيقه د. فتحي عرفات، الذي كان يتعالج في فرنسا، ويسكن في شقة رشيد. المشاهد يعرف فحوى الحوار مما نشاهده على الشاشة ونسمعه من فم د. فتحي عرفات. يبدو ان الرئيس عرفات كان يصر، من الطرف الاخر من الهاتف، على ان ينتقل د. فتحي عرفات إلى فندق فيه سبل راحة اكثر من شقة رشيد. فكان اصرار د. فتحي، بالرفض وأصر انه مرتاح عند رشيد، ولا يريد تغيير المكان. ولقطة الاخرى حدثت في مطار باريس ود. فتحي ورشيد عائدان إلى القاهرة. تذكرة السفر بيد المضيفة، تتحدث مع د. فتحي وتسأله هل هي درجة أولى ويأتي رد د. فتحي، لا درجة سياحية. هل يمكن مقارنة ذلك مع كل من سافر منا ليس بدرجة رجال الاعمال فحسب وإنما بالدرجة الأولى. وهذا الرجل القائد، الانسان، لكن المريض، يعود في رحلة العودة الاخيرة إلى مصر من العلاج في باريس يعود على درجة سياحية، رغم حاجته للراحة خلال الطيران.


قدم هذا الفيلم حكايا وقصص كانت تدور بين الاخوين في الصغر وكيف كان الرئيس عرفات الاب قبل الاخ لابي طارق. فيروي الدكتور ان في احدى المرات وهما يتناولان الغداء، والطبيب لا يأكل اللحم بل الخضروات ويريد ابو عمار ان يقنعه بأكل اللحومات، فسأله لماذا لا تأكل مثلي اللحم. فأجاب: لا احبها. فرد الرئيس: الاسد ملك الغابه يأكل اللحم، والخضروات يأكلها الخراف.. هل تريد ان تكون اسداً؟.. هذا يدل على الوعي القيادي عند الرئيس الذي جعل من الشهب الفلسطيني مناضلا وله مؤسساته ونقاباته.

لا بد لنا ان نشكر المخرج رشيد مشهراوي على هذا العمل الذي يحكي عن الرئيس ابو عمار من زاوية اخيه لكنه بين لنا شخصية الطبيب المخلص الذي لم يأخذ حقه في التكريم وتسليط الضوء عليه. وهنا السؤال، من المسؤول عن ذلك؟ فهذا الشخص يستحق منا التخليد والتبجيل لانه الصورة الاخرى لفلسطين والثورة بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى...