الاثنين، 28 فبراير 2011

مستشفى الهمشري نحو مستشفى جامعي

تفاجأت ام احمد وهي تدخل مستشفى الهمشري، قبل الدخول الى مرأب السيارات الخاص بالمستشفى. تطرح السلام على رجل أمن يلبس زياً رسمياً، ينظم حركة الدخول والخروج ويحفظ أمن المستشفى. مفاجأة ام احمد استمرت برسم علامات الاعجاب والتسأؤل حول ما يحصل؟

تدخل ام احمد مدخل المستشفى من الباب الزجاجي الجديد، وتسأل احد الاشخاص، "شو صاير بالمستشفى؟ مستشفى الهمشري هون لأكون غلطانة؟ بس مكتوب مستشفى الهمشري". الاجابة كانت سريعة من فم الرجل:" هون مستشفى الهمشري تفضلي يا حجة". استغراب السيدة الخمسينية حط على "كونتوار" الاستقبال الجديد المواجه للمدخل، وبساحته قاعة انتظار للزوار وتلفاز كبير، وبدأت الاسئلة وتلحقها الاجابات من الموظفة. تستفسر السيدة عن مريض تود معايدته وعن مواعيد الاطباء واجراء العمليات وكل ما يحصل ويدور في الطوابق الخمسة التي تشكل مستشفى الهمشري. وكأن ام احمد لاول مرة تزور هذا المشفى المتجدد.

تحسينات مستمرة

إعجاب "ام احمد" بتحسينات المستشفى انسحب ليطال كل من يزور مستشفى الهمشري بعد التحسينات التي تمت به. "ابو خالد" يبتسم عند السؤال ويقول:" اجت مأخرة بس احسن من ما تيجي". اما "وسام" فيشرح اهمية هذه التحسينات والاضافات على هيكلية وبناء المستشفى، ويقول:" هلق صرنا نحس انو في حدا عم يهتم بصحتنا". لكن "وفاء" تطلب ان يكون التحسين في غرفة العمليات، فصدمت حين أُخبرت ان غرفة العمليات اصبحت مجهزة ويتم اجراء اهم واصعب العمليات فيها.

يشرح مدير مستشفى الهمشري الدكتور ذياب العوض أهمية هذه التحسينات، التي تنعكس ايجاباً على الطاقم الطبي والزوار والمرضى. يُدرج العوض هذه التحسينات في خانة الخطة الاستراتيجية التي وضعتها مؤسسة الهلال الاحمر الفلسطيني، وانها لم تكن عبثية. انما جزء من سلسلة متلاحقة، ولكن الميزانية تؤثر بشكل كبير بمضمون هذه التحسينات.

خدمات بالجملة

يُقسم الدكتور العوض التحسينات الى قسمين. الاول يختص بالخدمة الطبية، اما الثاني فيختص بالخدمة الفندقية. التحسين في الخدمة الطبية هي الاهم بمنظور جمعية الهلال الاحمر الفلسطيني على حد قول الدكتور العوض، فهي تهدف الى تقديم افضل ضمانة طبية للشعب الفلسطيني وكل محتاج من الجهات الاخرى. والخدمة الطبية لكي تكون على اكمل وجه، عملت جمعية الهلال الاحمر الفلسطيني على شقين مهمين. شق اول له علاقة بالامكانيات والقدرات لدى الفريق الطبي من اطباء وممرضين. فأخذت الجمعية على عاتقها اجراء دورات تدريبية داخل مستشفى الهمشري وخارجها، بالتعاون مع جهات دولية عديدة. كان منها دورات للاطباء العاملين بالمستشفى بالاختصاصات كافة في الجامعة الاميركية في بيروت. ودورات خاصة بالجودة والنوعية، وترشيد استعمال الادوية بالتعاون مع الصليب الاحمر الهولندي، اضافة الى دورات تدريبية للاطباء والممرضين مختصة بغرفة العناية الفائقة مدعومة من جمعية "سيب" الايطالية.

في المقلب الاخر، اهتمت جمعية الهلال الاحمر الفلسطيني بالشق الثاني المتعلق بالقدرات والامكانيات من ناحية المعدات والالات والاجهزة. فقد جهزت قسم غسيل الكلى بمعدات الغسيل الخاصة والدقيقة واصبح القسم يتسع لمرضى اكثر في وقت واحد، وخضع الممرضون الى دورات تدريبة على الالات الجديدة. وساعد الهلال الاحمر القطري بتأمين جهاز لاجراء عمليات الماء الزرقاء بواسطة الشفط. اضافة الى تحديث قسم العمليات بشكل عام، وتجهيز القسم بجهاز جراحة المنظار "الناضور". واصبح قسم العمليات اليوم يجري اصعب وادق العمليات الجراحية. كان منها العمليات، التي يجريها البروفسور عصمت غانم بدعم من الصليب الاحمر الهولندي، الخاصة بالمرضى الذين يعانون من مشاكل خاصة بالعظام، وتعتبر هذه العمليات من اخطر العمليات الجراحية التي نفذت في المستشفى. يقول الدكتور العوض:" نحن نطمح في المستقبل لكي نجري عمليات قلب مفتوح، ليس فقط عمليات دقيقة."

فندقة المستشفى

يعتبر الدكتور العوض القسم الثاني المرتبط بالخدمة الفندقية في المستشفى انه لا يقل اهمية عن تحسين الخدمة الطبية. لان الخدمة الفندقية جزء من العلاج والراحة النفسية عند المريض. وان من حق المريض ان يتناول وجبة خاصة تراعي حالته المرضية بإشراف اخصائي تغذية، وهذا ما قمنا به. ومن واجبنا ان نقدم للمريض "نومة هنية" على اسرة جيدة وفرش مناسبة وهذا ما استطعنا تأمينه وزيادة عددها بجودة ممتازة. واصبح في الغرفة تلفاز وبراد خاص لكل سرير.

من ناحية اخرى، اعتمدت جمعية الهلال الاحمر الفلسطيني على تحسين التنظيفات في مستشفى الهمشري، فتعاقدت مع شركة خاصة للتنظيفات تقوم بتنظيف المستشفى اكثر من مرة في اليوم الواحد وتؤمن الراحة للمريض. وبدعم من الصليب الاحمر الهولندي تعاقدت المستشفى مع شركة "اركسينيل" لفرز النفايات الطبية. وهذه الخطوة موجودة فقط بعدد بسيط من مستشفيات لبنان.

ولتأمين الحماية، تعاقدت المستشفى مع شركة حراسة وامن خاصة، وتقوم هذه الشركة بتنظيم عملية الدخول والخروج اضافة الى تنظيم مواعيد الزيارات. وقد اهتمت ادراة المستشفى بالشكل اللائق للمستشفى، فوسعت قاعة الاستقبال وجهزتها بالامور اللازمة لكي تعطي الزائر الراحة النفسية والانطباع الحميد. وعملت على طلاء المستشفى بالالوان المناسبة لكل طابق.

مستشفى جامعي

كل من يزور مستشفى الهمشري اليوم، يشعر بالاختلاف والتطور والتحسين الذي تم. لكن الدكتور العوض يؤكد ان هذه التحسينات على الرغم من اهميتها الا انها لا تلبي طموحات الادراة. فنحن سنعمل على تحسين اكثر وتطوير هذه المستشفى لخدمة اللجئين الفلسطينين خصوصا واي انسان اخر. وان طموحات مؤسسة الهلال الاحمر الفلسطيني لا تتوقف امام هذه التحسينات، والقادم سيكون اهم واشمل. ولا يمنع ان تتحول مستشفى الهمشري الى مستشفى جامعي يقصده الجميع ويتعلم به الاطباء والممرضون، وقد بدأنا بخطوة التمريض عبر مدرسة القدس للتمريض.

الخميس، 24 فبراير 2011

وصية موتك

وأنت تكتبين إستقالتك من عشقي،

لا تبرري مخطوطاتك الاخيرة..

وأنت ترسمين وصيتك،

لا تذكري سيئاتي..

وأنت تنزلين من قطاري،

لا تدفعي ثمن التذكرة..

وأنت تنهين مشوارك معي،

لا تغيري ثيابك المليئة بالأكسدة..

وأنت تشربين نخب إنتصارك،

لا تضحكي كثيراً على نفسك..

....

وأنت تغيرين عطرك،

لا تكسري القارورة الأخيرة..

وأنت تتلمسي أشواقك،

لا تبدلي اخباري..

وأنت تمزقي صورنا،

لا تشطبي وجهك الجميل..

وانت تمسحين دموعك،

لا ترميها في نفايات القدر..

....

وأنت تمرين في طرقنا،

لا تغيري حذاءك..

وأنت تجلسين في مطعمنا،

لا تتناولي طبقنا المفضل..

وانت تسرحين شعرك،

لا تجدليه بيدي...

وأنت تنتظريني،

أرجو من ربي أن لا يبكيكِ..

........

الثلاثاء، 22 فبراير 2011

إمرأة تشكو اللقاء

بعد غياب قسري، إلتقيته..

انتظرته، والكرسي ينتظره اكثر مني

طاولة مستطيلة ستفصل بيننا،

كما كل شيء يفصل بيننا،

عيونٌ توصُلني وتراقبني، وهاتفي لا يهدأ من فح السم في أذني..

وأتى مالك قلبي..

..........

منظومتي الدفاعية سقطت... لا بل إنهارت،
تلاشت،
تفككت،
أمام إجتياح جنود عينيك..
نظراتٌ عجزت عن فك شيفراتها،
فكانت كل الأشياء أمامي
غريبة ، مبهمة..
انت لم تكن انت،
وانا لم أكن كعادتي
متلهفة لرؤيتك
مشتاقة لضحكتك
محترقة كالورقة
في صحن يديك..

كل المتاريس والحواجز الترابية
أنشأتها لتكون حصنا ً منيعاً،
يحميني من قصف نظراتك وطلقاتها النارية
كل هذه الحواجز تقهقرت
تحولت الى غضن ٍ يابس
الى ورقة صفراء يابسة
رمتها رياح الخريف الى الهاوية..

اليوم تخلت عني قافيتي
وكل النظريات السياسية
التي تعلمتها وطبقتها في حياتي..
غابت دبلوماسيتي الوقائية،
وتوازن الرعب
والردع النووي
الذي يملأ لؤلؤتيّ،
كلها أنهارت..

عند اللقاء كم كنت أرغب
في ترجمت إشتياقي..
كنت أرغب أن أقول لك
كم إشتقت الى صوتك
الى دندنتك التي تقترب
من روحي رويدا ً رويدا ً..
كم اشتقت الى عطرك ينفخ
في روحي ليعيدني الى الحياة
ولأهرب من "قرف" الأيام..
كم أشتقت الى لمسة يدك
وقبلاتك المسروقة
تنسكب على خدي
وتنسيني لحظاتي العفنة..
ولكن كل الكلام إنهار
أمام أول غارة...

بالأمس لم أنمْ
لم تعرف روحي الإستقرار
سريري كان يقلقني
أشبه بسرير الموت..
بالأمس كانت ليلتي مرعبة
لم أخلد الى النوم
من قصف الأسئلة
والحيرة والضياع..
أسئلة جمة عصفت في ذهني
كرياح الثورات العربية
التي هبت وأطاحت
بعرووش مماليكها..
سألت نفسي
هل مات ما جمعنا؟
أم نحن كنا جالسين كميت
ينتظر أن ينعاه الأقارب ؟
هل تجمدت مشاعرنا في ثلاجة الحب؟
هل أنا ما زلت أنا ؟
هل أنت ما زلت أنت؟
أم أصبحنا جثة هامدة
إنتزعت منها الروح
ولم يبقى منها سوى بعض الملامح المبهمة ؟

الجمعة، 18 فبراير 2011

أنـيــن

إنك لم تجعليني أتألم

وإنما جعلتيني أنتظر

....

تلك الساعات المتشابكة،

الزاخرة بالأفاعي

حين تسقط مني الروح ،

وأختنق...

كنت تأتين ماشية

كنت تأتين عارية مخموشة

كنت تصلين إلى مخدعي دامية

يا عروستي

وحينئذ،

كنا نمشي طوال الليل

نائمين،

وحين نستيقظ

تصبحين سالمة جديدة

كما لو أن رياح الأحلام الكئيبة

قد خلعت على شعرك من جديد

نيراناً ولهباً،

وغمرت جسدكِ في حبات الحنطة والفضة

فأحالته لؤلؤاً منثورا ً..

إني لم أتألم، يا حبيبتي

وإنما انتظرتُ وحسب...

كان عليكِ أن تبدلي قلبك

ونظرتكِ

بعد أن لمستِ بيديك

منطقة البحار العميقة

التي أوصلكِ إليها صدري..

كان عليك أن تخرجي من المياه الصافية

كنقطة رفعتها عاليا

موجة ليلية..

يا عروستي،

كان عليكِ أن تموتي وتولدي

وانتظرتك

أنا لم أتألم وأنا أبحث عنكِ

فقد كنت أعلم أنك سوف تأتين

إمرأة جديدة فيها كل ما أعبد

تخرج من ثنايا المرأة التي لم أعبد

بعينيكِ ويديكِ وثغركِ

ولكن بقلب آخر ...

الاثنين، 14 فبراير 2011

خوف البعاد

أخاف عليكِ من غبار الزمن

وخيبات الامل..

أخاف عليك من عتمات المُنى

وضجر الطريق..

أخاف عليك من مفترقات الدموع

وإلتواءات الطموح..

أخاف عليك من وحش الوحدة

وإنتحار الكبرياء..

أخاف عليك من حيرة الوجع

وموت العناد..

أخاف عليك من تكرار الأغنية

ونار الجسد الملتهب..

أخاف عليك من رمال الغربة

ونوم العيون الحزينة..

أخاف عليك من غدر الايام،

وخيانة الدقائق..

أخاف عليك من لحظات الفراغ

وقلق المدامع..

أخاف عليك من رياح الشك

وعواصف الظنون..

أخاف عليك من برد المال

وفنون المظاهر وأرق الندم..

أخاف عليك من خدش الكذب

وزيادة مساحيق التمثيل..

اخاف عليك من شجون القمر

وشحوب الوجه وإلتصاق اليد بالخد..

يا هاربة من جوفي،

لا تنظري، ولا تنتظري..

خوفي عليك يسبق عشقي..

أنام وأصحو على وجهك، علَّ الوجوه ان تغيرت

بدلت هواجسي..

نسيان متبادل

أريدك أن تعرفي شيئاً واحداً،

إنك تعرفين هذا الأمر:

إذا أنا تطلعت إلى القمر البلوري

إلى الفنن الأحمر،

إلى الخريف المتباطئ على نافذتي..

إذا أنا لمست الرماد،

الذي لا يمكن لمسه

وهو إلى جوار النيران

أو عِرق الخشب المتغضن

كل هذا يحملني إليكِ،

كما لو أن كل ما في الوجود:

العطر، النور، المعادن،

هي سفائن صغيرة

تبحر نحو جزركِ

التي تنتظرني..

حسناً، والآن:

إذا أنتِ توقفتِ عن حبي شيئاً فشيئاً

فسأتوقف أنا عن حبك شيئاً فشيئاً

وإذا أنت نسيتني فجأة

فلا تبحثي عني

فسأكون قد نسيتكِ بالفعل..

وإذا أنت ظننتِ

أن رياح الرايات التي تعبر حياتي

طويلة ومجنونة

وقررتِ أن تتركيني وحيداً

على شاطئ القلب

الذي تنبُت فيه جذوري

فتذكري أن في ذلك اليوم،

وفي تلك الساعة

سأرفع ذراعيّ

وستخرج جذوري

باحثة عن أرض أخرى لها..

ولكن

لو أن كل يوم

وكل ساعة

تشعرين أن مصيركِ هو أنا،

في عذوبة لا شِـية فيها؛

لو أن في كل يوم

تصعد زهرة إلى شفتيكِ

بحثاً عني،

آه يا حبيبتي، يا مهجتي،

فستستعر في نفسي مرة أخرى

كل هاته النيران

فلا شيء ينطفئ في نفسي

فحبي يتغذى على حبكِ

يا حبيبتي،

وسيكون بين ذراعيكِ ما حييتِ

دون أن يخرج من بين ذراعيا

الجمعة، 11 فبراير 2011

لو أننا هناك..

أشتهي البكاء فوق صدرك،

وشعرك المتدلي يهفهف على كلامي..

ويداك تحتضن جرحي..

حـِملي كبير يا معذبتي،

وكل ما تحمل السنوات من مفاجأت تطوقني،

كل الحظوظ والتنبؤات تفيد انك لغيري،

وخطي يرفض الكتابة الا فوق أوراقك..

الوعود كلها ضائعة في بحرك..

مليت، يأست، تعبت، الابواب معك مغلقة،

الشعوب كلها تتقاتل لأجل قـُبلة، وانت تقاتليني بالقُـبل..

أنت وأنا لا نستحق الحياة، لذلك ابكيكِ ام أبكي روحي..

تخيلي اننا في غزة..

هناك في غزة ..

حيث الموت ليس موسمياً كالأمطار

هو يطل عليك من الآبار الجافة،

من أنابيب الأوكسجين الفارغة،

من النوافذ الباكية،

من المنائر المحطمة،

من الطرقات المختنقة بالدم،

من الحوائط النابضة بالقهر،

من خزانة الملابس الفارغة،

من لعب الأطفال المتناثرة

الموت في غزة ليس فجائيا أبدا .. بل الحياة هناك تأتي فجأة !

لكن الحب هناك بالفطرة، لذلك يستمر بعد الحياة وقبل الموت..