الاثنين، 28 سبتمبر 2015

الفلسطيني الضعيف مرفوض..

يحدثني مستشار الرئيس الفلسطيني الشهيد ياسر عرفات، بسام ابو شريف، كيف تزوج في سبعينيات القرن الماضي من مسيحية تنتمي الى عائلة خوري في المتن. قال إن اهلها لم يوافقوا اولاً وإن عرفات حزن لانه لم يقدم له بطاقة دعوة ليفتح المتن سياسيا ويكون خير استغلال؛ ان فلسطيني تزوج في عقر دار الانعزالية اللبنانية. كان الفلسطيني قوياً فتزوج الشهيد علي حسن سلامة ملكة جمال الكون جورجينا رزق، وهكذا فعل عضو اللجنة التنفذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صلاح الدباغ حين تزوج من درزية في جبل لبنان. القوة هي الاساس، فالدين ليس عائقاً بتاتاً لكن النفوذ هو الاساس. تزوج الفلسطينيون من لبنانيات من مختلف الطوائف لانهم كانوا أقوياء والكل يريد نسبهم ليقوى بهم. وبالتالي، هكذا حصل في الاردن حين تواجدت القوات الفلسطينية هناك. لنعترف ان السماء تنحني للأقوياء فقط. والقوة هنا ليست فقط عسكرية انما ربما تكون مالية، هذا ما حصل مع احد مستشاري الرئيس الراحل رفيق الحريري حين زوج ابنته لملياردير فلسطيني وهو من يُنظر لعداوة الفلسطينين، وهكذا فعل احد مشايخ الدروز الذي لم يهتم للمذهب الديني. الاساس هو الوفرة المالية. ينساق هذا الى ان الفارق الديني كذبة لا اكثر، فالدين للفقراء المحتاجين. فمن استطاع يقول كلمة من مشايخ الدروز لوليد جنبلاط حين تزوج سورية سنية او حين تزوج نجله تيمور شيعية بقاعية من عشيرة كبرى.
ان القوة هي مفتاح العقول والقلوب. المال يفتح الابواب عند السلطات والطوائف. التاجر لا يسأل عن جنسية او مذهب انما عن الربح المالي فقط.

وحين ضعف الفلسطيني استقوت عليه الامم. هذا ما جعل اللبنانيون يُحقرون الفلسطيني ولو اجتماعيا بعيدا عن السياسة وهذا ما حصل في الاردن وسوريا. اما في الداخل الفلسطيني استقوى الاحتلال حين تساهل وتهاون الفلسطيني بحقوقة وقوته. ألم يأتي اسحاق رابين صاغراً الى اوسلو. ألم يأتي شارون مصفر الوجه ومع وزير امنه شاؤول مفاز الى مخيم جنين حين سطر صموده الاسطوري. وبالنسبة لغزة، ألم يحرك الاسرائيلي دبلوماسيته ليفاوض حماس والمقاومة خلال الحروب الثلاثة وحين وقع جلعاد شاليط في الاسر. الفلسطيني الضعيف يُداس؛ اما القوي فيرحب به ويضعه الجميع على رأس القوم. انها معادلة البقاء، لذلك يقترن البقاء فقط بالقوة لا أكثر.

الأحد، 27 سبتمبر 2015

نسر وقمة اخرى

كنسر يفارق قمته، ودعها.. وكانت قمة اخرى بانتظاره عند مفترق الغيم، حينها ندم على وقت غامض قضاه في القمة التافهة الاولى... وصل الى قمته الشاهقة، متئبطاً بذكرى وبعض الأوراق. تصفح ما كان يقرأ ويكتب عند مبيته اليومي تحت منزلها الجبلي؛ فتلمس بعض السطور:
كم كنتُ في الحبِّ بعضاً منكِ مولاتي، وصار بعضُكِ بعضا من تفاهاتي..
ها قد وضَعْتِ لما عشناهُ خاتمةً، وما أزالُ كما لو في بداياتي
وماتزال تدور الأرضُ فوق يدي، وتشرقُ الشمسُ صُبحاً في صباحاتي
ولستُ ابكي كما خَمَّنْتِ هاجرتي.. ولستُ أُشعلُ بالشكوى عذاباتي
ولم أَصِرْ بائساً بعد الفراقِ.. ولا تغيرتْ بانصرام الوصْلِ عاداتي
لم أشربِ السُّمَّ كالعشاق منتحراً.. ولا طردتُ من الدنيا حبيباتي
ولا تَطَرَّفْتُ بعد الهجر مُلتحياً، ولستُ أُخفي بطولِ الذقنِ زلَّاتي
إذا ظننتِ لهيبَ الهجرِ يحرقني، ضدَّ الحرائقِ لو جَربْتِ غاباتي
إني النَّسِيُّ الذي ينسى حماقتهُ.. أليس حبُّكِ بعضاً من حماقاتي
قلبي وإنْ صار مشروخاً، به جهةٌ للقادماتِ سبايا في فتوحاتي
لستُ الذي استسلمتْ يأساً عساكرُهُ.. أو رفرفتْ مرةً بيضاءَ راياتي
ما أَوْقفَ الهجْرُ بأسي، كيف يوقفني؟.. لا شيءَ يوقِفُ إن حاربتُ غاراتي
أُغِيرُ على النحلِ الجميلِ وإنْ غارتْ عليَّ ومن نحلي فراشاتي
إذا اعتقدتِ خسرتُ الحربَ منهزماً... إنِّي أرى النصرَ في أقسى خساراتي..


أشعل سيجارة، وأحرق كل الكلمات.. وقال في نفسه: إنها لا تستحق حرفاً يكتب أو يُقرأ عنها.. كره ماضيه، وابتسم للرياح المقبلة اليه بخطى الغرام. ابتكر لنفسه تاريخاً مزيفاً، وعند سؤاله عن القمة السابقة التي مر بها، اجاب: لا اذكر بتاتاً ان تلك الطريق سلكتها او عرفتها يوماً..