الخميس، 23 ديسمبر 2010

صلوات للشيطان

أنت يا أجمل وأبرع ملك بين الملائكة

ياإلهاً خانه الحظ وحُرم من المديح

أيها الشيطان ارحم بؤسي الطويل

يا أمير الغربة يا مظلوماً

يا من إذا قهِر نهض دائماً أقوى وأصلب

أنت يا من تعرف كل شيء

يا ملكاً عظيماً للخفايا

وشافي الإنسانية من قلقها وحيرتها

أنت يا من تعلّم حتى للبُرص والمنبوذين الملعونين

تذوّق طعم الفردوس عن طريق الحُب

أنت يا مَنْ مِنَ المنيّة عشيقة العجوز القوية

أنجبت الأمل الفاتن المجنون

أنت يا من تمنح المحكوم بالإعدام

النظرة الهادئة المتعالية

التي تدين شعباً كاملاً يلتف حول مشنقته

أنت يا من يعرف في أي ركن من الأرض المشتهاة

يخبئ الله الغيور الأحجار الكريمة

أنت يا من تعرف عينك المضيئة

الخبايا العميقة

التي ينام فيها مدفوناً عالم المعادن

أنت يا من بيدك الكبيرة تستر الهاوية

التي يطوف حولها السائر في نومه

أنت يا من تعيد العظام المحطمة

لسكّير عجوز داسته سنابك الخيل لينة

أنت يا من علمتنا كيف نخلط ملح البارود بالكبريت

لتدخل العزاء إلى قلب الإنسان الضعيف

الذي يعتصره الألم

أنت أيها الشريك البارع تضع ميسمك

على جبهة قارون الدنيء القاسي

أنت يا من تودع عيون وقلوب الفتيات

عبادة الجُرح وحب الأسمال

يا عكاز المنفيين ومصباح المخترعين

والكاهن الذي يتلقى اعتراف المشنوقين والمتآمرين

أيها الأب الذي تبنّى كل الذين طردهم الله الآب

بغضبه الأسود من جنة الفردوس

أيها الشيطان ارحم بؤسي الطويل

المجد والمديح لك أيها الشيطان

في أعالي السماء حيث كنت تسود

وفي أعماق جهنم

حيث تحلم بصمت بعد هزيمتك

دع نفسي تسترح يوماً بقربك

تحت شجرة المعرفة

في الساعة التي تنتشر فيها أغصانها

كأنها هيكل جديد

الثلاثاء، 14 ديسمبر 2010

حديثي النعمة

تراهم، وكأنك ما رأيت؟؟.. سرعان ما تنتفخ بطونهم وتلتسق رقباتهم بصدورهم من أكل طعام ما تذوقوه مرةً في تاريخهم. وأي تاريخ هذا الذي بُنيَ على شح او طرق غير مشروعة. هم بلا ذوق او تذوق، يلبس احدهم قميص احمر وكرافات ليس لها معالم.. واخرى تصبغ وجهها ألوان العلم الافريقي من طلاء باهت وفج، ناهيك عن عمليات التجميل التي تُقبح مظهرها اكثر وأكثر.. تبقى لعنة الماضي تلاحقهم!! يتخيل لهم للحظة انهم امتلكوا الدنيا.. تعرفهم عند الرؤيا الاولى ويزداد يقينك تيقناً عند حديثهم، كل احاديثهم عن انفسهم وعن انجازاتهم البطولية في وغى الشرف والطهر ومسيرتهم العصامية المبينة على سرقة هنا واختلاس هناك.. هم كما هم في كل الساحات والميادين.. يحدثوك عن صفقاتهم الخيالية وعن الارقام التي بحوزتهم من مال، فهم على تفاهاتهم ينفذون شرع الله، وإما بنعمة ربك فحدث..

تهيأ لأحدهم ان يبني لنفسه تمثالاً من اللؤلوء، فإكتشف ان اللؤلوء ثمين جداً ومكلف فالبخل ما زال داخلة.. فأستعاض عن اللؤلوء بالغرانيت.. وقدم طلباً للبلدية مقابل مساهمته الخيرة بالمساعدة ببيناء ملجئ للأيتام. ومع هذا البلدية رفضت عرضه، وطلبت منه ان يُنشىء ملهاً ليلياً "خمس نجوم" يضمه لسلسته الكبيرة الممتدة من أفريقيا التي بدأ بها مشواره الى ازقة هذا البلد الفقير العائم على اقدم مهنة في التاريخ اي الدعارة.. تاجر أخر احتال على نفسه وعلى فقراء مثله، فأصبح في ليلةٍ ويومين تاجر أخشاب ورسول بين الكعبة الشريفة ومحيطه، يرسل هذا وتلك الى الحج او العمرة.. هذا التاجر قرر ان يبني مسجداً لينبه ضميره ويسكته قليلاً عن ازعاجه.. فتقدم الى وزراة الاوقاف والى البلدية ودفع ملايين من اجل شراء الارض وتخليص المعاملات وبناءه، لكنه اشترط ان يُسمى المسجد بإسمه، وقاعاتيه على اسم والدته ووالده رحمها الله.. لكن وزارة الاوقاف طلبت منه براءة ذمة وسيرة ذاتية له ولمن اراد ان يسمي على اسماءهم، فالوزارة لا تسمي اسماء المساجد والقاعات الا على اسماء اناس مخلصين للدين وشرفاء مجتمعياً.. فتذكر ان امه كانت بائعة هوى ليلاً وبائعة فجل نهاراً، ووالده للاسف قدم خدماته لجيش الاحتلال وعرفه الناس بالعميل..

حديثي النعمة يُشعروك وانهم ما زالوا مراهقين ولو بلغوا من العمر المديد، والنساء منهم تحاول جاهدةً ان تبرز مفاتنها، برأيها ان ابراز محاسن جسمها يجذب الرجال، ولا تدري ان من يعاشرها ليلةً واحدة يتركها في صبيحتها!! هذا وان لم ينزع منها مبالغ طائلة.. همهم الوحيد المظهر الفاتن، والمضمون حيوه من بعيد وقالوا له وداعاً.. تحاول تثقيفهم عبر كتاب تهديهم اياه، فيقولون: من الكاتب؟ انه فلان او فلانة.. فالرد سريع: اشتريه واشتريها.. كل شيء له ثمن يا عزيزي!! كل حديثهم له علاقة بالمال.. وكأن الثقافة لها ثمن.. والعلم له ثمن!!

على قلة خبرتي بهذه الطبقة التي استشرت في المجتمع، الا اني اسميهم لؤم الارض ومحظوظي الصدفة.. وسيبقون هكذا ويموتون هكذا، وربما اولادهم سيتربون هكذا ويموتون على دين خليلهم.. اي الفقر والحرمان الذي عاشوه اسلافهم من اباء وامهات.. او سيعودون من حيث اتوا، فإن من ارتفع بسرعة وقع بسرعة..!!

الخميس، 9 ديسمبر 2010

آلم الخيبة

يكبرني ألمي بسنتين
ويتذكره حسي كل ثانيتين
اخافه، ويخافني..
عقدة الخيبة تلاحق ملمسه..
ويلاحقني ببسمة او اثنتين..
...
ألم الخيبة، له وجهٌ بريٌ
يقتات على الذكرى، ويخبئ ما تبقى منذ يومين
تنتعش اساريره عند لقاء البارحة
ويغدو طفلاً مشاكساً ذو سيفين.
سيفٌ لكأس النبيذ، وأخر لقطع الشفتين..
...
ألم الخيبة، ينام بجانبي..
ويغطي كلامه غرفتي،
يضحك معي، ويبكي معي..
وعند توديع الحس يغمض عينيه وكأن له جفنين..
غريب هذا الألم، يصحو معي.. يشرب معي..
يمشي معي.. يتسلق حياتي معي..
حاولت علاجه، واذ به يزرف دمعتين، ويقول:
انت ان رحلت عني، لن ارحل عنك!
انت ان قتلتني برصاصة، فتأكد اني قد قتلتك برصاصتين
...
قدمت له مغريات الدنيا، ووعود الاخرة..
فأصطحبني الى جنته وناره، وأخد معطفي وعلّقه على مأذنتين..
مأذنةٌ تدعى لساني، واخرى سموها اذنتين..
فلا اتكلم ولا اسمع..
فقط اراقبه واترقبه.. عله يعطني معطفي..
ويبقى صغيراً واكبره انا بسنتين، او شهرين او دقيقتين..
نصحته مرةً، ان يعلمني التبعية، الرجعية..
الثورية، الاشتراكية، الشيوعية، الليبرالية، الراسمالية..
الغزالية، الرشدية، الوهابية، الشاذلية..
نصحته ان يعلمني كل ما قرأته وعرفته..
كل لم اقرأه ولم اعرفه..
حدق بي هذا الآلم الخبيث،
ونصحني ان اقف دقيقة صمت على خيباتي.. وأمضي