الأحد، 27 سبتمبر 2015

نسر وقمة اخرى

كنسر يفارق قمته، ودعها.. وكانت قمة اخرى بانتظاره عند مفترق الغيم، حينها ندم على وقت غامض قضاه في القمة التافهة الاولى... وصل الى قمته الشاهقة، متئبطاً بذكرى وبعض الأوراق. تصفح ما كان يقرأ ويكتب عند مبيته اليومي تحت منزلها الجبلي؛ فتلمس بعض السطور:
كم كنتُ في الحبِّ بعضاً منكِ مولاتي، وصار بعضُكِ بعضا من تفاهاتي..
ها قد وضَعْتِ لما عشناهُ خاتمةً، وما أزالُ كما لو في بداياتي
وماتزال تدور الأرضُ فوق يدي، وتشرقُ الشمسُ صُبحاً في صباحاتي
ولستُ ابكي كما خَمَّنْتِ هاجرتي.. ولستُ أُشعلُ بالشكوى عذاباتي
ولم أَصِرْ بائساً بعد الفراقِ.. ولا تغيرتْ بانصرام الوصْلِ عاداتي
لم أشربِ السُّمَّ كالعشاق منتحراً.. ولا طردتُ من الدنيا حبيباتي
ولا تَطَرَّفْتُ بعد الهجر مُلتحياً، ولستُ أُخفي بطولِ الذقنِ زلَّاتي
إذا ظننتِ لهيبَ الهجرِ يحرقني، ضدَّ الحرائقِ لو جَربْتِ غاباتي
إني النَّسِيُّ الذي ينسى حماقتهُ.. أليس حبُّكِ بعضاً من حماقاتي
قلبي وإنْ صار مشروخاً، به جهةٌ للقادماتِ سبايا في فتوحاتي
لستُ الذي استسلمتْ يأساً عساكرُهُ.. أو رفرفتْ مرةً بيضاءَ راياتي
ما أَوْقفَ الهجْرُ بأسي، كيف يوقفني؟.. لا شيءَ يوقِفُ إن حاربتُ غاراتي
أُغِيرُ على النحلِ الجميلِ وإنْ غارتْ عليَّ ومن نحلي فراشاتي
إذا اعتقدتِ خسرتُ الحربَ منهزماً... إنِّي أرى النصرَ في أقسى خساراتي..


أشعل سيجارة، وأحرق كل الكلمات.. وقال في نفسه: إنها لا تستحق حرفاً يكتب أو يُقرأ عنها.. كره ماضيه، وابتسم للرياح المقبلة اليه بخطى الغرام. ابتكر لنفسه تاريخاً مزيفاً، وعند سؤاله عن القمة السابقة التي مر بها، اجاب: لا اذكر بتاتاً ان تلك الطريق سلكتها او عرفتها يوماً.. 

هناك تعليق واحد: