الثلاثاء، 8 فبراير 2011

"لكل البقاع.. ولكل الناس"

يسأل محمد وهو يعاني من جروح خطيرة في قدمه، "وين في مستشفى قريب؟". يجيبه احدهم: " ما إلك الا مستشفى الناصرة، رخيص ومنيح..". هذا ما يسرده محمد حين وجدناه في مستشفى الناصرة منتظراً مولوده الجديد. يتذكر محمد منذ خمس سنوات، كيف تعرض لإصابة في قدمه اثناء عمله في احدى حقول بر إلياس في البقاع اللبناني. يقول أن اصابته كانت سبب تعرفه على مستشفى الناصرة والطاقم العامل فيها.

يشرح محمد طريقة المعاملة في المستشفى وكيفية الانسجام والتلاحم بين الفلسطيني ومحيطه، فإدارة مستشفى الناصرة التابعة لجمعية الهلال الاحمر الفلسطيني لا تفرق بين الجنسيات او الاديان وتعامل المريض على ان لا هوية له.

مستشفى الابطال

أنشأت منظمة التحرير الفلسطينية عام 1978 على قطعة أرض مساحتها نحو 4000 متر مربع مستشفى الشهيد ماجد ابو شرار الميداني، وكان يتبع للخدمات العسكرية الطبية في حركة فتح، ولكن بقرار من المنظمة عام 1981 تم ضم المستشفى الى جمعية الهلال الاحمر الفلسطيني وتسميتها بإسم مستشفى الشهيد كمال عدوان، وذلك بعد توحيد الوحدات الطبية وغلحاقها بجمعية الهلال الاحمر الفلسطيني.

يتذكر "ابو احمد" ايام الحرب الاهلية، وكيف كان مستشفى الناصرة حالياً هو الملجأ الصحي والطبي لكل اهل البقاع. يشرح ابو احمد اهمية المستشفى في ذاك الوقت وكيف كان المستشفى للبنانين قبل الفلسطينين، وكيف الفدائين ساعدوا في نهضة البقاع واقامة المرافق الصحية والطبية، حيث كانت اغلب مناطق محافظة البقاع تعتبر مناطق نائية.

يرى ابو احمد ان مستشفى الناصرة بكل الاسماء التي اطلقت عليه كان يداوى بداخله الابطال الفدائيين، وهذا ما تذكرناه كثيراً اثناء العدوان الاسرائيلي على لبنان في العام 2006 حيث عاد ليحتضن المرضى والجرحى من عسكريين ومدنين. فهذا المستشفى "لكل البقاع ولكل الناس".

تحت اسم الناصرة

حملت المستشفى الاسم الحالي اي "الناصرة" عام 1993، تنفيذاً لقرار المجلس التنفيذي لجمعية الهلال الاحمر الفلسطيني بأن تسمى المستشفيات بأسماء المدن والقرى الفلسطينية. يقول مدير منطقة البقاع في جمعية الهلال الاحمر الفلسطيني الدكتور خالد الفاصد ان الاسم الجديد قد أطلق بعد الاستحداث الذي طال المستشفى من كل الجوانب.


يتألف المستشفى من 4 طبقات وملحقات تشغلها المكاتب الإدارية وغرف منامة للموظفين والعمال وسائقي سيارات الأسعاف، ومساحته الإجمالية نحو 2500 متر مربع. ويبلغ عدد الأطباء المتفرغين فيه 12، و10 متعاقدون، إضافة إلى الاستدعاءات بحسب الحاجة، كما يقول الفاصد. وهناك 30 ممرضاً وممرضة و6 موظفين إداريين و3 سيارات إسعاف. أما إيرادات المستشفى، فمن مخصصات منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية، وهبات عالمية إضافة إلى الصليب الأحمر الإيرلندي والصليب الاحمر الهولندي الذي يقيم دورات تدريبية للعاملين، اضافة الى الأونروا التي قلصت خدماتها بشكل واضح على حد تعبير الفاصد.

حاجات وصعوبات

تواجه مستشفى الناصرة التي تبعد عن مخيم الجليل 45 كلم عدة صعوبات، ويرى الفاصد ان مكان المستشفى يلعب دوراً مهماً خصوصا وان منطقة البقاع من المناطق الريفية، حيث عدد السكان يتغير حسب طبيعة المناخ. وعدد العاملين يتقيد ايضاً بالطبيعة الجغرافية للمنطقة.

يقدم مستشفى الناصرة في الوقت الحالي الحد الادنى من الخدمات الطبية والصحية وهذا يعتبر مقبولاً جداً فالمنافسة الصحية غير موجودة بين المستشفيات الاخرى. يقول الفاصد ان الخدمات التي تقدمها مستشفى الناصرة تساوي الخدمات التي تقدمها المستشفى الحكومي وفي بعض الحالات مستشفى الناصرة افضل واسعارها منخفضة الى حد ما مقارنة بالمستشفيات الحكومية والخاصة.

يلخص الفاصد حاجات المستشفى بناحيتين. الناحية الاولى تتعلق بالكادر البشري من اطباء وممرضين وعاملين في المستشفى، حيث النقص واضح في عدد الطاقم العامل في المستشفى. وحتى الذين يعملون في المستشفى رواتبهم الى حد ما منخفضة وغير مثبتين في عملهم. اما الناحية الاخرى فتتعلق بالتجهيزات والمعدات الطبية، فأغلب المعدات الموجودة بحاجة الى صيانة اضافة الى ان المستشفى بحاجة الى معدات عديدة تتعلق بغرفة العمليات والجراحة واجهزة المختبر والتخدير والتعقيم.

تحسينات أولية

في الاونة الاخيرة، تجمعت الجهود لتحسين مستشفى الناصرة تنفيذاً للخطة الاستراتيجية لجمعية الهلال الاحمر الفلسطيني. فزادت المعدات والتجهيزات الطبية في المستشفى. وعملت ادراة جمعية الهلال الاحمر الفلسطيني على التنسيق مع الجمعيات والمؤسسات اللبنانية والدولية لتأمين الاحتياجات. وكان من اهم الممولين والمتبرعين الصليب الاحمر الهولندي الذي عمل على مشروع تأمين الدواء ومشروع تدريب الكادر البشري واخضاعهم لدورات تدريبية متطورة في المجال الطبي، اضافة الى مشاريع نظام المعلومات والكود وتجهيز المستشفى ببعض الالات الطبية.

يقول الفاصد ان ادراة مستشفى الناصرة تقوم بتنفيذ توجيهات ادراة جمعية الهلال الاحمر الفلسطيني في لبنان، وهذه التوجيهات تستند الى خطة ان نفذت ستكون مؤسسات الهلال الاحمر الفلسطيني في لبنان على اعلى مستوى، ومن هذه المؤسسات مستشفى الناصرة. وسيقدم مستشفى الناصرة في الفترة القادمة خدمة صحية ذات جودة عالية بفريق ذو خبرة وكفاءة، إضافة الى الخدمة الفندقية والاقامة المريحة للمرضى وهذا ما بدانا به ولاقينا استحساناً من الزوار، ونزود الغرف ببراد وتلفاز وحمام خاص، وقد اضفنا الى الغرف مقاعد لمرافقي المريض، وعملنا على توقيع عقد مع شركة تنظيفات تؤمن احتياجات المستشفى من ناحية النظافة العامة للمستشفى والخاصة للغرف. وتم وضع صندوق للشكاوي يستطيع المريض او الزوار وضع اقترحات او شكاوي نعمل على تنفيذها وحلها فوراً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق