الخميس، 13 فبراير 2014

حماس تلعب على الحبال المنقطعة بين عباس ودحلان


محمد دحلان يتصالح مع حركة حماس، "أبو فادي" يعود الى غزة تحت مظلة حماس، ليس مؤكداً. القيادي المفصول من حركة فتح وعضو المجلس التشريعي إلتقى مؤخراً في القاهرة المشير عبد الفتاح السيسي. اللقاء وصف بلقاء الفاتحين، مع أن دحلان لا يملك صفة رسمية تخوله الجلوس الى جانب وزير الدفاع المصري لكنه يحمل صفة امارتية كبيرة. يشغل دحلان الان مستشاراً لولي عهد الامارات وحاكم امارة دبي لا أكثر.
"الملياردير" حين تحدث الى الرئيس المصري المحتمل إقترح عليه "تأديب حماس" لكن بطريقة "دحلانية" مختبرة سابقاً. النقاش كان يدور بحسب مقربين من دحلان ان الفريق أول السيسي قبل ان يصبح "المشير" كان ينوي معاقبة حماس بعد اتهامات وزير الداخلية المصرية محمد ابراهيم بضلوع عناصر من حماس بتدريب جماعة الاخوان المسلمين وانها مسؤولة عن تفجير مديرية أمن الدقهلية وقتل جنود مصريين في رفح وسيناء. عقاب السيسي ليس مكتمل العناصر، الطائرات الحربية المصرية حلقت أكثر من مرة فوق قطاع غزة وتحديداً فوق خانيونس لكن ماذا لو اطلقت صواريخها مثلما تفعل الطائرات الاسرائيلية وماذا سيكون رد حماس؟ هل ستبقى مكتوفة الايدي كما "تكتفت" حين اغرق الجيش المصري الانفاق بين غزة والاراضي المصرية. الرأي العام المصري شرب كثيراً من التحريض ضد حماس وأصبح مقتنعاً أن حماس رأس الافعى كما نعتها أكثر من إعلامي مصري، لكن قطع رأس الافعى مكلف وباهظ خصوصاً وأنها تملك ما يكفي من سم لإيذاء الخصم. تهديد حماس لمصر كان واضحاً، خرج الاف المقاتلين من كتائب عز الدين القسام يحملون ما يملكون من أسلحة، منها المتطور والذي يظهر لاول مرة، ورفعوا أربعة اصابع من ايديهم وأخفضوا الابهام. كان الوقت حينها بعد مجرزة رابعة العدوية في القاهرة في اغسطس/ آب الماضي. فهل يرتكب "السيسي" مجزرة اخرى في غزة؟. صعب للغاية التفكير بهذه الطريقة مع أن اطراف مصرية كثيرة كانت مع اجتياح مصري لغزة بحجة الارهاب وما يحصل في سيناء اضافة الى الحكمة القائلة:" إضرب الضعيف يرتعش القوي". حماس برأيهم ضعيفة وبها يمكن "تخويف" من هو اقوى خصوصا على الحدود مع ليبيا او من ينوي بناء سد النهضة.

  بين العقاب والتأديب رجحت كفة "التهذيب". ما قاله دحلان في إجتماعه الشهير، ماذا لو اتبعنا إسلوب الجزرة بدل العصا. نحن نعطي الجزرة واسرائيل تتكفل بالعصا، وكان ذلك. خطوة دحلان منعت التصادم المصري الحمساوي حتى ان وسائل الاعلام المصري خفضت من حدة لهجتها تجاه حماس ومعبر رفح اصبح يعمل افضل مما سبق. حماس كانت تحتاج الى التفات "الملياردير" الى القطاع الممنوع من دخوله بقرار من حماس بعد أحداث 2007 لكنها سمحت لثلاثة شخصيات مقربة من دحلان بالعودة الى القطاع وهم ماجد أبو شمالة، وسفيان أبو زايدة، وعلاء ياغي. كذلك افرجت عن ما يقرب من 30 معتقلاً سياسياً بمبادرة من رئيس الوزراء في الحكومة المقالة اسماعيل هنية، غالبية المفرج عنهم من ازلام أبو فادي. وكانت حماس وافقت على زيارة زوجة دحلان "جليلة" ونجله في ابريل/نيسان الماضي الى القطاع. أصرف دحلان بدفع الملايين لانصاره وعشيرته في غزة حتى أن حماس اشتركت معه في لجنة خيرية تكافلية اماراتية. تتشكل اللجنة الوطنية للتنمية والتكافل الاجتماعي، من أعضاء يمثلون ستة فصائل فلسطينية، هي (الجبهة الشعبية، والجبهة الديمقراطية، وحماس، وفتح، والجهاد الإسلامي، وحزب الشعب)، وستعمل على إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، ومد جسور التواصل بين أبناء الفصائل على الأرض، بحسب القيادي في حركة حماس، صلاح البردويل الذي التقى دحلان مع اخرين من حماس في دبي. دحلان كان اعلن عن دعمه للجنة الفصائلية مضيفا:” آمل أن يكون العمل الإنساني الإيجابي رافعة لتوحيد الصفوف ومقدمة لإنهاء الانقسام”.

هذه اللجنة يرفضها الرئيس محمود عباس ويشكك المقربون منه بجدواها حيث ان ممثلي فتح فيها من رجال دحلان. وقبل اسبوع سارع عباس الى دفع ما يقرب من مليون دولار اميركي لحفل زفاف جماعي في غزة واريحا، كان ينوي دحلان التكفل به الا ان زعيم فتح سحب البساط من تحت اقدام "المفصول". حماس تواطأت مع دحلان فمنعت الزفاف في غزة بحجة التصاريح اللازمة، لكنها عادت وسمحت به بعد اجراء زفاف اريحا بحضور عباس.

حماس عادت واستقبلت عضو اللجنة المركزية في فتح "الغزاوي" نبيل شعث على رأس وفد فتحاوي. هنية استقبل شعث والحديث عن المصالحة الفلسطينية، لكن زيارة شعث لها هدف أهم مكلف به من اللجنة المركزية وعباس وهو ترتيب البيت الفتحاوي في غزة بعد استقالة الهيئة القيادية لفتح في القطاع، يشار الى دحلان بالوقوف وراء الاستقالة الجماعية.

يحاول عباس تفويت الفرصة على دحلان في غزة، فكل محاولات فض الاشتباك بينهما تفشل. كان اخر المحاولات تدخل الامارات والاردن لعودة المياه الى مجاريها واعادة دحلان الى صفوف فتح. اجتمع عضو اللجنة المركزية عزام الاحمد مع دحلان ووافق عباس على عودة انصار دحلان المفصولين الى فتح لكن المحكمة الفلسطينية المعنية بشؤون الفساد اصدرت قرارا غيابيا بحق رئيس الامن الوقائي السابق رشيد ابو شباك المقرب من دحلان. كانت رسالة واضحة لدحلان فتوقفت الاتصالات لرأب الصدع بين الدحلانيين والعباسيين.

عباس وجه رسالة ايضاً لمن يدعم دحلان، فلقاء دحلان بالسيسي في يناير الماضي رد عليه عباس بإرسال عضو اللجنة المركزية لفتح جبريل الرجوب الى طهران. فإن كانت دول الخليج تدعم السيسي ودحلان فخيارات عباس يمكن ان تتغير أيضاً. لكن اين حماس من كل ما يجري؟ حماس وقعت في فخ التجاذبات الاقليمية ما اضطر هنية مؤخراً الى شكر ايران وسوريا والسعودية وتركيا وقطر. شكر الرجل كل دول المنطقة ليشكر سوريا التي خرج منها قياديو حماس. فماذا لو غضبت مصر أكثر؟ دحلان ينقذ الموقف. ماذا لو غضب عباس؟ شعث يستقبل بحفاوة في غزة ويعلن عن موافقة حماس على حكومة ائتلافية وطنية برئاسة عباس. لكن هل فعلا عباس يريد المصالحة؟ لا يمكن الحكم على النوايا، لكن صاحب مشروع المفاوضات مع اسرائيل في مأزق تفاوضي كبير، يحاول ان يضغط من خلال ورقة المصالحة. ويريد عباس ان يقول للطرفين الاميركي والاسرائيلي انه يمثل الشعب الفلسطيني وانه يمون على حماس وغزة. الاسرائيليون لطالما استخدموا حجة عدم سيطرة عباس على القطاع وانهم لا يعرفون من يحاوروا، حماس ام فتح؟

حماس تلعب على حبال مقطوعة بين دحلان وعباس ويبدو انها المستفيدة سياسياً من هذه التجاذبات. خصوصاً وان تمت المصالحة بعد او قبل توقيع اتفاق الاطار الذي يطرحه وزير الخارجية جون كيري سيكون موقفها جيداً مع احتمال شن عدوان اسرائيلي جديد على غزة لهروب رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو من استحقاق المفاوضات في اواخر مارس/ اذار المقبل.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق