اقتراح الرئيس الفلسطيني محمود عباس نشر قوات تابعة لحلف شمال
الاطلسي في الأراضي الفلسطينية، في حديث لصحيفة "نيويورك تايمز"
الامريكية، يحمل دلالات من حيث التوقيت والمضمون.
لا يأبه أبو مازن بكل السيناريوهات المطروحة، أو أنه يحاول شدّ رحال
المفاوضات إلى نقطة لم يتوقعها الطرف الإسرائيلي. كل ما يرفضه الاسرائيلي يقبل به
هو، وكل ما يقبل به العدو يصرّ عليه. يحاول عباس سحب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو
إلى المربع المكروه، وهو الدبلوماسية القانونية والعزلة الدولية. إن رفض نتنياهو
العروض الامريكية والفلسطينية، يصبح الطرف الفلسطيني الراغب في السلام، والرافض
للعنف، في وضعية معاكسة لحال الخصم الاسرائيلي الذي تزداد عزلته الدولية. هذا ما
تؤكده رئيسة الوفد الاسرائيلي المفاوض تسبي ليفني.
أن يأتي "الأطلسي" إلى فلسطين يعني أنه سيراقب الحدود
والمعابر، وأنه سيدقق بطاقات المواطنين الفلسطينين، وسيتدخل بكل شاردة وواردة
تخص الامن وغيره بحجة مكافحة الارهاب. ووفق مقترح عباس، سيحق للاسرائيلين أن يبقوا
5 سنوات اضافية في الضفة الغربية والقدس، بشرط الانسحاب بعدها. لماذا 5 سنوات؟ هل
ليطمئن نتنياهو إن بقي رئيساً للوزراء؟ بالتأكيد إنه الاحراج. ما الفارق بين أقل
من 5 سنوات أو أكثر؟ لا فرق كبير، وخصوصاً أن عناصر "الأطلسي" ستكون
موجودة.
ستكون الحدود متداخلة جداً إن قامت الدولة الفلسطينية العتيدة، فما
عدد رجال الأمن الأطلسيين المطلوب للمهمة؟ لا يهم كثيراً بما أنّ الدول الراغبة في
السلام كثيرة. لكن لماذا يرفض نتنياهو قوات دولية تابعة للأمم المتحدة؟
ترى القيادة الاسرائيلية أن قوات الامم المتحدة ستكون متعددة
الجنسيات، وفيها جنسيات مسلمة وربما عربية ايضاً. والأخطر إن سُجّلت نقاط اختراق،
واشتكت الى مجلس الامن. هكذا تفعل قوات "اليونيفل" على الحدود
اللبنانية، أو "الاندوف" على الحدود السورية.
بحث المفاوض الفلسطيني في أوراقه التفاوضية، فوجد مقترحاً فلسطينياً
يعود الى عام 2002. اقترح الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات فكرة عباس نفسها على
رئيس الاستخبارات الامريكية في حينها جورج تينت، ورفضها الاسرائيليون. فهل يرفض
نتنياهو الفكرة مجدداً؟ على الارجح سيرفض الطرف الإسرائيلي مثلما سبق له أن رفض
عرضاً امريكياً قائماً على التكنولوجيا، ويفيد بنشر "روبوتات" عبقرية
وكاميرات خارقة وأجهزة قتالية حساسة تعرف من أين يأتي "الارهاب" فتقنصه.
هذا العرض كانت ستموله اليابان وتنفذه الولايات المتحدة، مثل مشروع ربط غزة والضفة
بقطار سريع، قطار اختلف المفاوضون على محطات انطلاقه وتوقفه داخل الضفة الغربية.
التفاصيل غريبة ومعقدة، ولا يبدو أنها ستُحسم قريباً إلا بالضغط والقوة. وسواء
أتى "الأطلسي" أو غيره، فهذا يعني أن فلسطين ستبقى محتلة بأشكالها
المختلفة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق