إنتشر على مواقع
التواصل الاجتماعي وأروقة الحديث السياسي ورقة خُتمت بشعار وزارة الداخلية والامن
الوطني في غزة. ورقة "لم يؤكد صحتها" صادرة عن مكتب الوزير الذي يوجه
أمره العسكري الى قائد قوات الامن الوطني "المسمى" ابو عبيدة الجراح.
الاوامر تفيد منع اطلاق الصورايخ من قطاع غزة على المستوطنات الاسرائيلية ولو
إقتضى الامر اطلاق النار واستعمال القوة. وفقاً للامر التنظيمي والعسكري المنشور
يُصر الوزير فتحي حماد، الذي أعلن قبل مدة بسيطة أن زوال اسرائيل بعد 8 سنوات، على
اعتقال من يطلق صاروخاً وعدم الافراج عنه واعتباره عميلاً ودخيلاً على المقاومة.
انتهت أوامر حماد، لكن هل نفذها أبو عبيدة؟
المعلومات التي
ترد من غزة ومن الاعلام الاسرائيلي تفيد أن حماس فعلاً تمنع الصواريخ من الوصول
الى اسرائيل. خلافات كثيرة بين حماس والفصائل أبرزها مع حركة الجهاد، حصل اشتباك
منذ فترة بين رجال الامن وقائد في سرايا القدس فقتل على الفور. فورة حماس بمنع
اطلاق الصورايخ انتهجتها فتح سابقاً حتى أن الرئيس محمود عباس أمر بقتل كل من يطلق
صاروخ، برأيه أنها لا تقتل نملة اسرائيلية لكن رد اسرائيل يقتل عشرات الفلسطينين.
حماس المنهكة
حالياً، تعيش كبطل "الجومباز" الذي قرر ان يقرن "الجومباز"
بالمصارعة الحرة. رياضتان مختلفتنان بالحجم والاسلوب والتكنيك. فشل البطل بهوايته
الجديدة فقرر العودة الى الاولى فوجد نفسه غريباً لا يعرف نفسه وكلما نظر الى
المرآة قال: من أنا؟ حماس لا تعرف نفسها الان. هل هي فصيل مقاومة ام حزب سياسي؟
حماس، الاثنين معاً وللاسف لم يعرف قادتها التوفيق بين النموذجين الأضادين.
حماس ترفض
المفاوضات التي يجريها رئيس اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير محمود عباس مع
اسرائيل عبر وسيط اميركي تعتبره حماس غير نزيه وشفاف. في المقابل حماس ترفض اعلان
الحرب من غزة بحسب ما يقول مناوؤها وتدعو الى القتال من الضفة الغربية. ولا يبدو
أن تهديدات رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو ووزير امنه موشي يعالون بسحق
حماس إن طلقت الصورايخ "مزحة". نتانياهو يريد الهروب من المفاوضات ولا
بأس بحرب ينهي عزلته الدولية التي تكبر كل يوم. لكن حماس ومعها فصائل المقاومة
الاخرى ستبقى مكتوفة الايدي في اي مواجهة. لقد أثبتت فصائل المقاومة شد العروة
بينها وتمكين الكتائب والسرايا بأسلحة قادرة على الوصول الى العمق الاسرائيلي
لاسيما تل أبيب والقدس وهذا ما أوجع حكومة نتانياهو في العدوان الاخير في ظل حكم
الرئيس المصري محمد مرسي. يؤخذ على حماس موافقتها على اتفاق التهدئة الموقع برعاية
مصر اخوانية "رفض الاعمال العدائية" من قطاع غزة. هكذا مصطلح كبلها
قانونياً وسياسياً وأوحى أن الحركة المقاومة الاسلامية تتجه نحو القبول بغزة فقط
وعدم "الاعتداء" على العدو لتحرير الارض المتبقة. الايحاء يخطئ احياناً
ويتحقق أحياناً كثيرة.
في خلال مقابلة له مع المفاوض الإسرائيلي السابق جلعاد شير لصالح
‘معهد الأمن القومي الإسرائيلي اكد عباس ان هناك
اتفاق مكتوب رسمي بين السلطة الفلسطينية وحماس حول المفاوضات على اساس حدود ال67
وايضا اتفاق على المقاومة الشعبية وتشكيل حكومة تكنوقراط وإجراء انتخابات ديمقراطية،
واضاف اتركوا حماس لنا نحن نتكلم باسم الشعب الفلسطيني كله. خطاب ابو مازن منذ اسبوع تقريباً موجهة الى
الطرف الاسرائيلي، ما لبثت حماس ان رفضته ونكرت وتنكرت لكلام عباس. قادة حماس
متخبطون بين رأي العسكر والموقف السياسي. اتفاق القاهرة عام 2006 الذي صدر عنه وثيقة
الوفاق الوطني الفلسطيني يؤكد ان الجميع يقبل بدولة فلسطينية على حدود ال67. لكن
حماس تقول أن الفصائل جميعها
توافقت على قواسم مشتركة منها قيام دولة على حدود 67 وعاصمتها القدس وعودة
اللاجئين إلى بيوتهم التي هجروا منها دون الاعتراف بالكيان الصهيوني أو بشرعيته
على أرض فلسطين، وهذا ينفي الموافقة على ما وافقت عليه منظمة التحرير في أوسلو. عاد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل وقال
من القاهرة لنعطي فرصة للمفاوضات بعدها قامت قيامة غالبية قادة حماس وعلى رأسهم
محمود الزهار الذي قال على إحدى الفضائيات حينها: خالد مشعل لا يمثل الا نفسه ولم
يفوضه أحد بالحديث عن حماس.
حماس المصارعة والمصروعة معاً دخلت حلبة
المشي تحت الامطار من دون ان تتبلل. سقوط الاخوان في مصر قسم ظهرها. تعامل أجهزة
الامن مع غزة وتهديم الانفاق وإغلاق المعبر واتهامها بأعمال إرهابية في الداخل
المصري جعل من حماس ادارة منكوبة منكبة على معالجة الجراح الاعلامية في مصر
والاحتياجات الضرورية لغزة. حماس وجدت نفسها وحيدة بلا مصر والسعودية وغضب ايراني
سوري وحدود غزة مهددة بالاجتياح من مصر واسرائيل. لكن إن تم العدوان على غزة في ظل
مصر التي يحكمها المشير عبد الفتاح السيسي ستحرج مصر فماذا سيفعل الرئيس المحتمل؟
ربما الاعلام المصري كان كفيلاً بتشويه صورة حماس وغزة وعليه سيقول قائل:
"خلصونا منهم". وهكذا ستبقى حماس وحيدة إن لم تلتف في مصالحة تفتح الافق
وتقبل بالاجماع الفلسطيني والانتخابات العامة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق