الجمعة، 26 ديسمبر 2014

سلاح المقاومة الفلسطينية في غزة: فخر الصناعة المحلية

زاهر أبو حمدة
2014-08-30

فاز الغزاوي، شاكر يونس، خلال العدوان الإسرائيلي على القطاع، بالمركز الأول في مسابقة "نت رايدرز"، التي نظمتها أكاديمية "سيسكو". وليس غريباً فوز الشاب الفلسطيني بأهم جوائز تكنولوجيا المعلومات في المنطقة، فنسبة الأمية في غزة، تحديداً، هي من بين الأدنى عالمياً بحسب "اليونيسكو". يقول يونس إن امتحان المسابقة يجري من دون أستاذ، والمتقدم يجب أن يجيب على الأسئلة والاختبارات إلكترونياً، فكان المعوق الأساسي هو انقطاع التيار الكهربائي. فكيف لو كان هذا الطالب في دولة متقدمة؟
سبق إنجاز يونس اختراعات مسجلة عالمياً، كاختراع سيارة وقودها الماء أو الطاقة الشمسية، أدوية طبية حديثة، وبدائل لتصنيع البنزين والسولار وإنتاج الكهرباء وتكرير المياه.
وانطلاقاً من إبداعات يونس، مثلاً، وأمثاله كثيرون في القطاع المحاصر، يصبح من السهل استيعاب قدرة المقاومين على صناعة الأسلحة وتطويرها. وقد عرضت قنوات محلية وفضائية عملية تصنيع الصواريخ، قبل وخلال العدوان الأخير، واستطاعت المقاومة إطلاق أكثر من 4500 صاروخ، أسقطت "القبة الحديدية" 750 صاروخاً منهم فقط، بحسب صحيفة "يديعوت أحرنوت". عرض "الكابنيت"، (المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر)، خلال اجتماعاته الأولى أثناء العدوان، تساؤلاً لرئيس جهاز الاستخبارات العسكرية، أفيف كوخافي، حول كيفية تطوير المقاومة قدراتها، وخصوصاً أن قائد المنطقة الجنوبية في جيش الاحتلال، مغربي الأصل، سامي ترجمان، حذر قيادته من أن قدرات المقاومة تقدمت، وشدد على الصواريخ والأنفاق، ودعا إلى عملية ضد غزة مطلع العام الجاري.
وضع كوخافي، سيناريوهات كثيرة لتفكيك قدرة المقاومة، لكن صاروخاً غزاوياً، كاد يقتله في أشكول، في 30 يوليو/تموز الماضي. لم يقتنع رئيس الأركان، بني غانتس، ووزير الأمن، موشيه يعالون، بنظريات كوخافي، فكلها تؤدي إلى الغوص أكثر في وحل غزة.
استطاع كوخافي الإفلات من الإقالة، بعد أن تمكن جهازه من معرفة مكان قائد "القسام"، محمد الضيف، لكن مخطط الاغتيال فشل. وعوّض عن ذلك باغتيال قادة "القسام" الثلاثة. ولأن إسرائيل تعرف قيمة الثلاثي، تباهت بنصرٍ ولو مؤقت. وتعود قيمة القادة الشهداء (محمد أبو شمالة، محمد برهوم، رائد العطار)، إلى عملية رفح، التي فُقد فيها الضابط، هدار غولدن، وإمداد المقاومين بالسلاح والتدريب. لقد تمكن الرفقاء الثلاثة، ومعهم أعضاء في المجلس العسكري لـ"القسام"، خلال سنوات مضت، من تأسيس جيش يتألف من 55 الف مقاتل مدربين ومجهزين بأسلحة غير تقليدية. هكذا كان "الصيد الثمين" لإسرائيل، رائد العطار، فهو المسؤول عن التذخير في الكتائب، ومسؤول عن التمويل العسكري، ويُحكى أنه تسلم الملف بعد اغتيال محمود المبحوح، في دبي، عام 2010.
ويقول مطلعون على الملف، إن العطار سار في شوارع الضاحية الجنوبية لبيروت، أكثر مما جرى على كورنيش غزة. كان "حزب الله" اللبناني، مصدراً مهماً للسلاح. لكن في الآونة الأخيرة، قبل العدوان، لم يكن دعم الحزب بالمستوى المطلوب، لذلك استطاعت المقاومة أن تجد أساليب أكثر أمناً، وهي التصنيع المحلي، مع الاعتماد على أسلحة مستوردة من ليبيا والسودان. كانت فترة الرئيس المصري المعزول، محمد مرسي، ذهبية بالنسبة إلى "حماس"، فقد عبرت الأسلحة المتطورة بغزارة، وخصوصاً صواريخ "غراد"، "كورنيت"، وصواريخ مضادة للطائرات. أما الأهمية في تلك الفترة، فكانت إدخال تقنية حفر الأنفاق المستوردة من كوريا الشمالية، ومواد تصنيع الصواريخ والعبوات الناسفة، كما يقول مصدر فلسطيني.
اعتمدت المقاومة في تسليحها، على جهد ذاتي، فغالبية المقاتلين وصانعي الصواريخ خريجون جدد من جامعات غزة، وتتراوح أعمارهم بين الثامنة عشرة والخامسة والعشرين، بحسب مسؤول العلاقات الدولية في "حماس"، أسامة حمدان.
لم تكن المهمة سهلة، خصوصاً في عملية تطوير الصواريخ، التي وصلت إلى حيفا، التي تبعد 160 كيلومتراً، لكن عملية التطوير اقتصرت على مدى الصاروخ، وليس كتلته التفجيرية.
بدأت عملية التصنيع في الثورة الفلسطينية المعاصرة مع اللجنة العلمية لحركة "فتح"، واستطاعت أن تخترع وتطور أسلحة فردية ومتوسطة كثيرة، منها الصواريخ. أما حركة "حماس"، فقد بدأت عملية التصنيع مع مؤسس "القسام"، صلاح شحادة (اغتيل عام 2002)، ويعتبر "المهندس" يحيى عياش (اغتيل عام 1996) نموذجاً في هذا الميدان. ويعود الفضل لتطوير التصنيع المحلي إلى عدنان الغول (اغتيل عام 2004)، وسعد العربيد (اغتيل عام 2004). لكن من أدخل التكنولوجيا الحديثة إلى عمليات التصنيع، كان رئيس أركان "حماس"، مروان عيسى، وقد عُين بدلاً لأحمد الجعبري، الذي استشهد عام 2012.
ويرجع تطوير "سلاح الجو الفلسطيني"، إلى مهندسين في الكتائب، صنعواً طائرة "سجيل"، وهي عبارة عن تصنيع محلي بالكامل. أما طائرة الاستطلاع من دون طيار،"أبابيل"، فهي صناعة إيرانية، وتجميع فلسطيني، وقد جربها العطار شخصياً في لبنان، وتحديداً في النفق التابع لـ"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ــ القيادة العامة" في الناعمة، جنوبي بيروت، وفي البقاع شرقي لبنان.
هي رحلة طويلة من التعب والسهر، بدأت بصاروخ "القسام" ووصلت إلى "R160"، ربما تتعدى ذلك في الوقت القريب، وهذا ما جعل إسرائيل تشدد على نزع سلاح المقاومة خلال العدوان.
تطور أداء المقاومة وسلاحها خلال العدوان
ــ الصواريخ: بدأت بتصنيع "قسام 1"، وتم تطويره ليصل الى أكثر من 160 كيلومتراً، وأطلق عليها أسماء بعض القادة الذين اغتالتهم اسرائيل كـ"أم75" على اسم الشهيد إبراهيم المقادمة و"جي80" نسبة إلى القائد أحمد الجعبري، و "آر 160" نسبة إلى عبد العزيز الرنتيسي. ونجحت سرايا القدس في تطوير الصواريخ، فكان لدى السرايا، "سجيل"، "براق 75"، و"فجر".
ــ القذائف الصاروخية: صنعت المقاومة قذائف صاروخية تشبه "الآر بي جي" وأسمتها قاذف "الياسين"، إضافة إلى "البتار".
ــ العبوات الناسفة: تم تصنيع عبوة ناسفة شديدة الانفجار وذات فعالية عالية في تفجير الحصون والأبراج، وكذلك الدبابات والجرافات الإسرائيلية، وقد أطلق عليها اسم "شواظ".
ــ الكورنيت: سلاح روسي مضاد للمدرعات، والذي يمكنه ضرب الطائرات ذات العلو المنخفض، وخصوصاً الطائرات المروحية، وقد استعملته كتائب "القسام" و"سرايا القدس" في تدمير عدة دبابات وآليات إسرائيلية، اقتربت من الحدود مع القطاع.
ــ "سرايا القدس"، الجناح العسكري لحركة "الجهاد الإسلامي"، أعلنت عن صاروخ "مالوتكا"، من صنع روسي. هذا الصاروخ هو مضاد للدروع من الجيل الأول، مخصّص للرمي على الأهداف المدرعة والعربات والتحصينات. يوجّه بواسطة سلك أثناء الطيران، ويعرف بالصاروخ "ساغر" أو "AT3" يصل مداه الأقصى إلى 3000 متر والمدى الأدنى الفعال للرمي 500 متر.
ــ استطاعت المقاومة تصنيع مواد شديدة التفجير أبرزها "قسام 19" وهي قريبة من الـ"tnt" وصنعت الألغام، إضافة إلى قنابل يدوية.
ــ تمكنت المقاومة من الحصول على مضاد الطائرات المحمول على الكتف من نوع "سام"، بالإضافة إلى أسلحة أخرى مضادة للطائرات يخشى الاحتلال من أن يكون لديها "كوبرا" و"ستينغر". وقد اعترف مسؤول في سلاح الجو الإسرائيلي، للإذاعة الإسرائيلية، بأن الطائرات المروحية والحربية تعرضت لعدد هائل من الصواريخ المحمولة على الكتف.
ــ منظومة "فونيكس" الأميركية: هي منظومة للدفاع الجوي، أميركية الصنع، لا يمكن لكتائب "القسام" الحصول عليها من صفقات السلاح، لأنها غير متوفرة إلا في الدول الكبيرة. طورت كوريا الشمالية "فونيكس" من منظومة "الفاغوت"، وهو صاروخ جديد، ظهر خلال عروض كوريا الشمالية العسكرية، ويعتمد على مولد للغاز لدفع الصاروخ، وقادر على اختراق نحو 460 مليمتراً من الدروع الفولاذية اعتماداً على الهدف، وأهم ما يميز هذه المنظومة هو أداة التهديف البصرية التي تعتمد على الليزر.
ــ "الكومندوز" البحري: تمكنت من الوصول إلى حدود عسقلان واقتحام موقع زيكيم العسكري أكثر من مرة، والاشتباك مع القوات الإسرائيلية. وأوقعت قتلى وجرحى، ويحتمل أن يكون لدى المقاومة صواريخ مضادة للسفن والزوارق البحرية.
ــ طائرات "أبابيل": تسيير طائرات من دون طيار من انتاج مهندسي المقاومة لتصل إلى مدينة تل ابيب ولعدة طلعات في مهمات مختلفة، فكانت على ثلاثة طرازات، منها استطلاعية، وهجومية، وانتحارية. وما أزعج اسرائيل ان "القسام" بثت الصور التي سجلتها الطائرة من دون أن يلتقطها الرادار الإسرائيلي.
ــ قناص "الغول": كشفت "القسام" في تسجيل مصور عن إنتاجها لبندقية قنص "غول"، عيار 14.5 مليمتر من إنتاج الصناعات "القسامية"، ونسبت الكتائب اسم البندقية إلى قائدها الشهيد، عدنان الغول، وهي ذات مدى قاتل 2 كيلومتر. 
ــ حرب "السايبر": تمكنت من اختراق حسابات لقادة الجيش الاسرائيلي، والسيطرة على مواقع الكترونية اسرائيلية مهمة، إضافة إلى إرسال رسائل إلى هواتف عشرات الآلاف من الجنود، لتنجح المقاومة في اختراق بث أهم القنوات الفضائية الاسرائيلية كالقناة "الثانية" والقناة "العاشرة" لعدة مرات.
ــ الأنفاق: يعتبر حفر الانفاق في تربة رملية مهمة صعبة وشاقة، لكن المقاومة استطاعت ذلك بتهريب السلاح والمواد الغذائية وحتى عبر أسر الجنود.
تؤكد المقاومة أنها لم تستخدم كل مفاجآتها خلال العدوان، ويقول القيادي في حركة "حماس"، صلاح البردويل، إن حركته "لم تستخدم سوى مستوى محدود من قوتها".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق