في ذاك اليوم المعجون بفرحة الحرقة وبنفسج السماء، كنت تحضر نفسك لوداع الحرية.. ربما انت منذ الصغر تتحمل المسؤولية لكن بنكهة طفولية شبابية. منذ الان تودع صخب العزوبية وحنين اللاعودة الا بكلمة لا ارغب بأن تقولها..
قبل ذاك اليوم، جلسنا على كرسي متعرج صنعه احد الكادحين في مصنع لا تملكه الدولة. جلستنا كانت قبل ليلة من زفافك، وبدل الحديث عنه تحدثنا عن فلسطين وعبق القضية وتاريخها المؤجج بتارات البقاء. وأسألك في نفسي: اين انت من غد؟ وأتردد.. ترددي انسحب الى مناحي السهرة الجميلة التي تعودنا على اقامتها من حين الى اخر.
يا صديقي، لو تغيرت الاصابع ووضعت خاتم العرس باليسار او باليمين ربما تبقى كما انت، الا ان الواقع يختلف كما اختلف الاسلاميون مع الماركسيين. اليوم وقد اعددت العدة لدخولك الى كوخك الصغير المليء بالحب والإخلاص، تجد الامتعة مكانها في زاوية لذاكرتنا، هنا اتكأنا على جراحنا وغفونا بعد ان ملَّ الكلام من كلامنا وفرغت زجاجات طموحاتنا...
أسأل اليوم وقد غدوت فارس الفرسان بقرب عروسك، ماذا لو لم يتنقل جدك في بلاد الشام قبل الاحتلال ويستقر في بيروت. وماذا لو لم يطرد الاحتلال جدي من فلسطين لأستقر في أرض لم تشعرني يوماً اني انسان؟ هل كنا إلتقينا وتآخينا؟ ربما الارواح تتلاقى في عالم البرزخ بعد الموت لكنها لن تجد جسداً يشتاق لضمك، كما ضميتك ليلة إستئذانك بالرحيل بعد حفل الزواج.
تدخل كوخك الصغير لكنك لن تترك كوخك الكبير، بل ستنمو تحت عناقيد العنب وتشريجات العريشة وتسمو كما إختار لنا ربنا ان نلتقي في زمن عزَّ فيه الصديق للصديق ودنت فيه الدنيا للمجون العقلي والاخلاقي..
هل شاء القدر لك ان تولد وحيداَ من غير شقيق؟ فأختار الوالدين الاحسان علي َّ لأتنصب أخاً وشقيقاَ لك؟ حُكي لنا مرة أن القدر في أغلب تقلباته يكون أحمق، لكن قدري معك كان في غاية الحكمة. أشكرك من عمق روحي على منحي واجب الواجب وتتويجي أميراً في مسيرتك لتكون أنت الأغلى دوماً ونمراً كما انبثقت الحياة لشخصك هذا الاسم وهذا الفعل..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق