لم تكن ريما العشرينة تدرك، لكنها أدركت حين صحت بعد غيبوية لعدة ساعات. كان يوماً عصيباً، يبدأ كعادة أي يومٍ روتيني مقسم على فترات.. المواصلات الى الجامعة والعودة للبيت من بيروت الى صيدا. ذاك اليوم الملغوم بالغبار والحر الشديد والرطوبة العالية، استنزف قوى الصبية عند حط قدميها في موقف الباصات لساحة النجمة الصيداوية. ارتباك شديد عَم مخيلة ريما والتنفس اصبح يمر في خندق القصبة الهوائية بصعوبة بالغة، والانف يفتش عن اي ذرة اوكسجين ليتنشقها.. انها أزمة الربو المعتادة، لكن اليوم بالغة الشدة..!!
قبل إغماء ريما وسقوطها أرضاً على الاسفلت الحامي، سألها أحدهم: ما بك؟ أجابت بكلمة واحدة: "أنا فلسطينية". حُملت بنت الجامعة على الاكف كشيهدٍ سقط في أرض الوغى، لكنها كانت شهيدة الربو وأزماته المتكررة. بعد حملها ووضعها بسيارة اجرة، الحيرة لاحت بأعين حامليها، "خدها على المستشفى، ايا مستشفى، عالهمشري بسرعة..) قرارٌ بأقل من دقيقة!! نحو الهمشري، سِرْ أيها المسعف!!
وصلت فاقدة الوعي، وإستلمها سريرُ الطورائ في مستشفى الهمشري التابع لجمعية الهلال الاحمر الفلسطيني.. خلال اقل من ساعة استعادت ريما السيطرة على نفسها وإلتقاط أنفاسٍ كانت بحاجة لها.. الاستيقاظ كان في غرفة خاصة وجهاز تنفس يبث الأوكسجين في رئتين اشتاقتا لنبض الهواء. تسأل: ما الذي حصل؟ يجيب الدكتور، "ما في شي، شوي وبترجعي عالبيت، احنا اتصلنا بأهلك وناطرينك برا".
حالة ريما، تحصل كل يوم وكل موقف له أسبابه وتداعياته.. لكن سؤال برسم الإجابة: ما الذي جعل المسعفون يتخذون قرار الذهاب الى مستشفى الهمشري دون سواه، مع العلم ان المسافة بعيدة نسبياً، وفي الطريق الى المستشفى المقصود أكثر من مستشفى أخرى؟.. سألتُ المسعفين حينها، كانت اجاباتهم:" كل مستشفى بدها مصاري قبل الدخول، والغلا كِتر بالمستشفيات، البنت فلسطينية والهمشري إلهن، الهمشري لكل الناس،.." هنا التجربة والسمعة تلعب الدور الاكبر والاهم لمعرفة الناس بقيمة الطبابة الاستشفائية والسرعة بإستقبال أي حالة والعمل على معالجتها.. هذه نقاط تحسب لجمعية الهلال الاحمر الفلسطيني ومؤسساته الاستشفائية، وبكل تأكيد يستطيع المريض او الناس العاديين ان يطلقوا تقيمهم على الخدمات المقدمة لهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق