مخيم عين الحلوة معروف لغالبية سكانه بأنه المأوى من
التشرد المتجدد مع كل اشتباك... أعرف كما يعرفون ان في المخيم مجموعة لها اقارب
خارج جغرافيا المخيم يمكن اللجوء اليهم حين يشتد وطيس اي اشتباك.. لكن ماذا يفعل
من ليس له سكنى الا في ارجاء المخيم المتحول مع مرور الوقت الى جحور..
اسأل مثلما يسأل اهل المخيم الاصليين والنازحين من سوريا
واللاجئين اليه من موت محتم في ربوع سوريا.. والسؤال بسيط جداً، لماذا يقتل من
يقتل ويجرح الابرياء وتشرد العائلات وتغلق المحال التجارية وتقفل المدارس
والطرقات..؟؟
وراء "لماذا" كلمات استفاهمية عدة: من، كيف،
ماذا، اين، متى، الى متى، الى اين...؟؟ علامات استفهام تلحقها علامات تعجب! تعجب
مما يحصل..؟؟
أعيش في المخيم منذ ولادتي اي اكثر من ربع قرن، الاخبار
ذاتها، الاشخاص يتبدلون ليس كثيراً، لكن صوت الرصاص لا يتغير.. الدمار لا يتبدل، الاتهامات
نفسها والمتهم بريء حتى يثبت انه قتل اكثر من عشرة خصوم يتحولوا الى اعداء تارة
واصدقاء يشربون القهوة سوياً عن روح الفقيد، وهذا الفقيد له عائلة واطفال، وكان له
احلام وهموم.. كان له كما كل فرد طموح ولو بلقمة خبز يمضغها مع الاسى.. شاب في
مقتبل العمر يحمل بندقية وبكل تأكيد البندقية محشوة بأدوات الدم، هذا الشاب ضج به
المخيم عند تصفيته.. بعد ايام تناسى الجميع قاتله والسبب والنتيجة.. رُفعت له صورة
كبيرة عند اول ممر لبيته.. الصورة اخترقتها الرياح وشوهها المطر وتهاوت كما تهاوى
يوما بإشتباكٍ قيل انه فردي فتحول لتنظيمي وقيل ايضاً ان الموضوع مرتبط بمقتل رفيق
الحريري وتعيين سفير فلسطيني في دولة الواق واق الشقيقة، وتردد ان الفتى قتل لان
اثيوبيا ليست على علاقة جيدة مع اريتريا والاهم ان قطر ليست على وئام مع السعودية
وقال سياسي بارع ان هذه العملية تندرج في سلسلة وقائع قبل لقاء بوتين واوباما.. وأطل
مراسل حاقد وافتى ان مسألة توطين الفلسطينيين هي اللغز.. واللغز بقي مع تدمير مخيم
نهر البارد.. اهل الفقيد شربوا قهوة عربية مُرة اضيفت اليها نسكافيه اميركية
لتغيير الطعمِ قليلاً.. وأكلوا كما اكل المواسون "المنسف" وتركوا خلفهم
قنينة لبن واحدة، لعلَّ اهل المغدور يلونون بها دمَ ابنهم...
ان ما يحصل في عين الحلوة منذ ان فقئت عيناه واصبح الحلو
مُراً كالحنظل يتحمل مسؤوليته اهل المخيم.. لا ينكر احد ان وكالات المخابرات العالمية
موجودة حتى المخابرات السريلانكية لها اذرع كي لا يتمدد محاربو التاميل الى البحر
المتوسط..
الاستخبارات بلعبتها لا تستعمل المخيم كظفر لاخطبوط متعدد
الاذرع.. انما تجد في المخيم تسلية بسيطة ولا يهمها الابرياء..
مفيد جداً خروج الناس في تظاهرات للتنديد بالسلاح غير
المنظم، وجميلة جداً رؤية غالبية الفصائل موحدة في هذا الاطار.. لكن هل هذا يكفي
لمنع القتل، واساساً هل يعلم مطلقو الطلقات والقذائف، ان سعر خمس طلقات فقط يمكن
ان تطعم عائلة بأكملها في اليوم، وان سعر قذيفة تطعم حياً بأكمله ليوم واحد..
المسؤولية دائماً نقذفها الى الخارج والمخابرات
والموساد، والمشكلة هي في الفقر والعجز والحرمان والمخدرات.. اكاد اجزم ان مطلق
النار عبثاً لم يشاهد يوماً فيلما رومانسياً وبطولياً بإمتياز او قرأ رواية او فك
لغزاً سياسياً في صحيفة.. هو نفسه لا يهمه اهله واطفاله، فمن يهتم بذويه يهتم لذوي
الناس.. مطلق النار البائس اليائس، الجاهل المجهول، الغبي المستغبي، بكل تأكيد لم يزر
ولن يزور مكاناً جميلاً مثلاً ولم يفكر يوماً بأن يقضي احلى الاوقات مع من يحب
فيه.. هذا الفقير المسكين الذي تحول الى جاسوس بنظر كثيرين وحتى انه شكَ بنفسه
لانه لا يملك ثقة بداخله ويثق بمشغليه فقط، اضحى حجراً يحرك المياه الراكدة ويثبت
في قبره والمياه تعود للركود..
مخيم عين الحلوة مستمر بقتل شبابه، وتشييع الضحايا الى
مثواهم الاخير.. وفي الاخير المسؤول عن كل ما يحصل تدابير مخابراتية والاعيب
عالمية ومشاريع صهيونية.. هـزلـت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق