الثلاثاء، 1 مايو 2018

"قرش" ميشكا بن ديفيد: مسيرة العودة بداية المستقبل


زاهر أبو حمدة
من حمل قارورة الترياق لخالد مشعل عام 1997، ميشكا بن ديفيد، دخل صدفة الى الموساد. وخرج من العمل الاستخباراتي بمعطيات وتجارب هامة. ولانه يحمل الدكتوراة بالادب العبري، حوّل خبراته الى روايات مشوقة. اصدر خمس روايات، اهمها "دويتو في بيروت": تفاصيلها تجري في العاصمة اللبنانية وتدور حول عميل موساد فشل في عملية اغتيال أحد قادة حزب الله بعدما ظهرت طفلته امام عدسة القناصة. وكانت النتيجة أنه أصبح خارج الموساد، فقرر العميل إنهاء المهمة بمفرده، لكن قائده السابق في الموساد، عقد العزم على منعه، ثم تكتمل الرواية في جو من الصراعات. لكن اهم روايته هي الاخيرة وتحمل اسم "القرش". وتروي في اطار من التشويق والتوقعات مع شيء من الواقع قصة غواصة نووية اسرائيلية (القرش) في البحر المتوسط بقيادة الجنرال يارون غال، المضظر لاخذ قرار استراتيجي لحماية اسرائيل بعد اضطرابات وتظاهرات وحرب على جبهات عدة وانقطاع الاتصال مع القيادة العسكرية. 
تتعمق الرواية بنبؤات مستندة الى حقائق، ومع انها خضعت للرقابة الاسرائيلية الا انها فعلا تمس الامن القومي الاسرائيلي من ناحية الاستشراف المستقبلي واسناده لوقائع تحصل في الوقت الحالي. تبدأ الرواية في الاول من ايار/ مايو 2022، باقتحام وحدة النخبة الفلسطينية "الكومندوز المدجج" المستوطنات في محيط غزة، عبر الانفاق. ويصلون عبر نفق طويل الى النقب ويحررون مستوطنة "كفار عزا". خطة المحررين الفلسطينين تستند الى خلايا (كل خلية من ثلاثة افراد) ويتمكنون من السيطرة على الجغرافيا الفلسطينية في الجنوب. 
وفي الوقت نفسه يعبر الحدود من غزة الاف المتظاهرين عبر حاجز بيت حانون ويحررون مدينة عسقلان، ويقتلعون الحواجز الاسرائيلية حتى ان الجنود الاسرائيليين لا يستطيعون ايقاف الموجات البشرية. يصور الكاتب في احد مشاهد الرواية أن جنديا اسرائيليا يفرغ مخازن بندقيته وجعبته بالمتظاهرين حتى يصلون اليه ويقتلوه دعساً بالاقدام مع زملائه. وفي مشهد اخر، تتكثف صرخات النجدة الى "الشاباك"، وجهاز الامن نفسه لا يسيطر على الجماهير الفلسطينية المتدفقة من غزة والضفة اضافة الى تظاهرات كبرى في الناصرة وحيفا. ويصبح اصطياد عناصر الشاباك سهلا من قبل المتظاهرين وسط ارباك في القيادة الاسرائيلية. 
هذا كله يحصل وسط تقدم كبير لقوات النخبة في حزب الله من الجبهة الشمالية، مع امطار الخريطة الفلسطينية بالصواريخ من ثلاث جبهات (لبنان، سوريا، وغزة). انه سيناريو مرعب تحققه حتمية تاريخية في اقليم لا يُعرف مصيره، لا سيما وان بن ديفيد، يشير لانسحاب الولايات المتحدة من المنطقة وعدم تتدخلها بتاتا في هذه الحرب المفترضة، في مقابل دخول روسيا بحرب شاملة ضد اسرائيل بعد قصف الطائرات الاسرائيلية مراكز روسية في سوريا.
لعل مسيرة العودة الكبرى هي البداية، وتصدق توقعات بن ديفيد. وتكمن خطورة هذه الرواية المشوقة الى أنها تحمل في طياتها رسائل داخلية ومحاولة الاجابة على سؤال يزعج مفكري الاحتلال: هل ستبقى اسرائيل؟. ولأن ديفيد بن غوريون قالها يوما: اسرائيل تزول عندما يخسر الجيش اول معركة؛ يمكن تصديق هذه النبؤات. ولأن المفكر العبقري عبد الوهاب المسيري، أكدها قبل رحيله: اسرائيل تنتهي حين تُسحب عنها الشرعية الدولية وتفتقد للدعم الاميركي والغربي؛ تصبح هذه الرواية كابوساً يجب دراسته فلسطينيا قبل أي شيء.

ميشكا بن ديفيد: ولد عام 1952 في فلسطين المحتلة. عُين في الموساد إثر إعلان نشر في صحيفة إسرائيلية، في وقت كان يحضر الدكتوراة في الأدب العبري. اشترك خلال 12 عاما، في عمليات خاصة في أوروبا والشرق الأوسط كعميل لـ"الموساد"، ولعب دورا رئيسيا في إنقاذ حياة قائد حماس خالد مشعل بعد محاولة اغتيال فاشلة بالسم في حقبة التسعينات من القرن الماضي.

هناك تعليق واحد: