وصلت تقارير إلى رئيس
الوزراء الإسرائيلي تؤكد أن انتفاضة فلسطينية ثالثة بدأت اندلاعها ومع كل تأخر
قمعها ستزداد. نظر بنيامين نتنياهو إلى شاشات التلفزة، فشاهد القطار في شعفاط يدمر
ويافا تتظاهر والناصرة تشتبك مع شرطة الاحتلال. ونقل له مخبروه من المستعربين أن
الملثمين يظهرون في الخليل وجنين والأمن الوقائي الفلسطيني لن يستطع ردعهم. قرأ
بيبي، تقرير "الشاباك"، فوجد أن "الهولوكوست" بحق محمد أبو
خضير، حَوّله إلى محمد البوعزيزي الفلسطيني، إذاً إنها الانتفاضة ولا بد من وأدها. وإنه
الربيع الفلسطيني الموحد تحت غطاء المصالحة الفلسطينية، ولا بد من تحويله إلى شتاء
قارس. ويكون ذلك عبر الهجوم والابتعاد عن الدفاع والانتظار.
قدم الأمنيون للمجلس الوزاري
المصغر "الكابينيت" خطط اجتياح غزة، وقال رئيس جهاز الموساد
تامير باردو، إن "النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، يشكل أكبر تهديد للأمن الوطني
الإسرائيلي في المرحلة الراهنة، وليس المشروع النووي الإيراني". وأوضح وزير الاستخبارات
الإسرائيلي يوفال شتاينتز، أن عملية عسكرية برية داخل قطاع غزة "قد تكون
ضرورية". وأخبروه أن الغطاء العربي والدولي قد تأمن، فأخيراً قد زار رئيس
الاستخبارات المصري محمد تهامي، إسرائيل وأكد على أن الوساطة المصرية انتهت،
ويمكنكم فعل ما ترونه مناسباً، بحسب ما ذكرت إذاعة "صوت إسرائيل". ويرى
موقع "ديبكا" الاسرائيلي أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أعطى الضوء
الأخضر لعملية إسرائيلية ضد القطاع، وكشف استاذ العلوم السياسية في الجامعة
العبرية داني روبنشتاين عن اتفاق وتنسيق وتعاون بين نتنياهو، والسيسي، لإسقاط
حكومة "حماس". وخرج بعد ذلك وزير الخارجية المصري سامح شكري ليؤكد أن
حدود مصر هو الأهم. تزامن ذلك مع تدمير عدد من الانفاق بين سيناء وغزة.
ورطوه صحبه بالعدوان
على غزة، خصوصاً وأن الحليف أفيغدور ليبرمان يفك التحالف، وموشيه يعالون يرفض
استعمال القوة. يتمنى نتنياهو، الان لو أن وزير خارجيته بقي متهماً بالفساد ولم
يعد إلى حقيبته الدبلوماسية، ويشعر أن رجال أمنه خزلوه ولم يتقصوا جيداً حول قدرات
المقاومة.
تفاجأت الحكومة
الإسرائيلية، بردة فعل المقاومة ولجأت إلى قصف منازل الناشطين، فبنك الأهداف
الإسرائيلي محدود هذه المرة.
استطاعت المقاومة فرض
معادلة جديدة وهي "الدم بالدم، والهدوء بالهدوء". ورفعت
"كتائب القسام" من شروطها للعودة إلى التهدئة. وكانت الشروط: وقف الحملة التي
ينفذها الاحتلال في القدس والضفة، وقف العدوان على غزة، وقف القصف
وتحليق الطائرات في القطاع، إضافة إلى الإفراج عن محرري صفقة "وفاء
الأحرار"، والكف عن تخريب المصالحة الفلسطينية.
شروط
"القسام" من منطلق قوة، فالامكانيات كثيرة ووافرة ومباغتة. فقد خسر
الاحتلال عنصر المفاجأة مع التمهيد للعدوان، واستطاع المقاومون استيعاب الضربات
الجوية الأولى، وبدأوا بالمبادرة. تؤكد معلومات من غرفة عمليات "القسام"
أن "المقاتلون بانتظار القرار السياسي لتحرير كل المستوطنات المحاذية
للقطاع". كلام جديد، يستند إلى صواريخ مضادة للدروع أبرزها
"الكورنيت" وصواريخ مضادة للطائرات في مقدمتها "ستريلا"
و" ايجيلا". سيعيد نتنياهو، النظر بعدوانه وربما يخسر رئاسة الحكومة،
خصوصاً وإن تم قصف الجليل، والمقاومة تملك ذلك. وترجح مصادر في "سرايا
القدس" أن يستمر العدوان اسبوعين على اقل تقدير، وسيحاول الاحتلال اجتياح
القطاع برياً لكنه سيتراجع في كل الحالات، وسيطلب وقف إطلاق النار. الطلبات
الإسرائيلية لاعادة التهدئة، تستند إلى أن أكثر من نصف الإسرائيلين مختبؤن في
الملاجئ، ولن يتحمل السياسيون والاقتصاديون ذلك. فقد استطاعت المقاومة توسيع دائرة
الاستهداف عبر الصورايخ الطويلة المدى وفي مقدمتها "R160"
المصنع محلياً نسبة للقائد الشهيد عبد العزيز الرنتيسي، و"J80"
نسبة للقائد أحمد الجعبري. صيرورة المعركة تفرض على الاحتلال توقع كل شيء،
فالمطارات العسكرية والمدنية والمصانع بمجملها تحت مرمى النيران. ومع ذلك، لن تكون
الصواريخ هي الفيصل خلال المعركة، إنما العمليات النوعية دخل أراضي الـ48 بعيداً
عن العميليات الأستشهادية.
أهداف عملية
"الجرف الصلب" تدمير غزة و"حماس" ومنع المصالحة الفلسطينية،
والأهم قتل الانتفاضة الشعبية في مهدها. ترتفع معنويات فلسطينيو الداخل، مع كل
إنجاز وتهبط معنويات المحتلين، فماذا لو فتحت جبهة جديدة؟
يضع الإسرائيليون
احتمالات فتح جبهة لبنان، ربما ليس عن طريق "حزب الله"، إنما مندفعون
فلسطينيون. لذلك يتم تشديد الاجراءات عند الحدود اللبنانية وكذلك في الجولان.
وماذا سيفعل
الإسرائيليون لو ظهر "داعش" في فلسطين، علماً أن تقديرات إسرائيلية
اتهمت تنظيم "القاعدة" بالوقوف وراء أسر المستوطنين الثلاثة في الخليل.
ميزان القوى لصالح
الفلسطينيين بكل المقاييس، وهي مرحلة صنع توازن رعب جديد وتغيير المعادلات. سيحرج
الرئيس الفلسطيني محمود عباس، قليلاً، لكنه سينتفض سياسياً ودبلوماسياً، ويخسر
نتنياهو المعركة في الميدان والحصاد السياسي.